سهوب بغدادي
يقول ألبرت أينشتاين «لو لم أكن فيزيائياً كان من المحتمل أن أصبح موسيقياً، فإنّي غالباً ما أفكر بالموسيقى، وأحلام اليقظة لدي موسيقى، وانظر إلى حياتي بدلالات الموسيقى، وأجمل أوقاتي تلك التي أقضيها بالعزف على الكمان»، وقال بيتهوفن «الموسيقى هي الجمال المسموع والحلقة التي تربط الروح بالحس». إن الموسيقى عابرة للقارات وجميع الاعتبارات واللغات والثقافات. إذ تعد لغة خالية من الكلمات والمفردات على الرغم من احتوائها على أبجديات خاصة توازي بلاغة المشاعر المحكية.
من هذا السياق، رأينا في الآونة الأخيرة انتشار بعض معاهد تعليم الموسيقى في المملكة العربية السعودية خاصة في المدن الكبرى، وذلك أمر بديع، إلا أن هذه المعاهد تقع تحت هيمنة العنصر الأجنبي فقط، فقلد تنقلت خلال العام الماضي بين ثلاثة معاهد تعليم موسيقى فكان جميع المعلمين من الجنسيات العربية أو الأوروبية وغيرها، في الوقت الذي أثبت المواطن السعودي إبداعه في مجال الفن والموسيقى، حيث تعج منصات التواصل الاجتماعي بحسابات المبدعين والعازفين على آلات كثيرة منها البيانو والكمان والتشيلو والقانون والجيتار الكلاسيكي والإلكتروني والعود وأكثر من ذلك بكثير.
إن ما دفعني لإلقاء الضوء على هذا النطاق هو افتتاح مدرسة تعليم موسيقى مؤخراً وتقدم مئات السعوديين والسعوديات لشغل وظيفة معلم موسيقى إلا أنه تم رفضهم جميعاً والاستعاضة عنهم بجنسيات عربية - لم يأتوا من بلادهم بعد ولا تعلم متى بالضبٍط- بحسب المسؤولة عن المعهد والتي أتت للتو من بلادها أيضًا، بالطبع لم يخل تعاملها من التعالي والفوقية، ولكنني أعلم أن الموسيقى تهذب الروح لتجعلها تطفو فوق الغيوم، فليس ما حصل نابع من قلب موسيقي! في المقابل يلجأ العازف السعودي إلى التعليم بشكل منفرد على شكل حصص ودروس خصوصية وهذا المتاح في الوقت الحالي، الغريب في الأمر أنني عندما استفسرت عن سبب عدم قبول السعودي في وظيفة معلم موسيقى كانت إجابة أحد العاملين في المعهد أن «الزبون» يرغب بالمظاهر أكثر فاللهجة «تفرق» والتعامل الجيد «يفرق»، على الرغم من التعامل غير المهني من قبل الجنسية صاحبة البرستيج والتي تلقت العديد من الشكاوى المماثلة خلال أيام معدودة من افتتاح الجهة.
في هذا الصدد، أعلم يقينًا أننا تجاوزنا مرحلة الانخداع بالمظاهر وعقدة الأجنبي خاصةً في ظل تواجد هيئة الموسيقى التابعة لوزارة الثقافة، وغيرها من الأفرع المهمة من الفن، فالسعودي قادر وفنان وموسيقي وهناك العديد من الأسماء اللامعة في سماء التلحين والعزف والغناء وما إلى ذلك، لقد حان الوقت لكي نتميز بفننا وثقافتنا في كافة المجالات.