كائنات حية صغيرة جميلة تعيش بين ظهرانينا تحبنا، ونحبها حباً جماً، امتحننا الله بها، فنعَّمنا وأكرمنا بها، لا تستغني عنا ولا نستغني عنها، بهم تحلو حياتنا وتتجمل وتكتمل.
هم أطفالنا، أولادنا، أبناؤنا، أكبادنا تمشي على الأرض، يطول الكلام عنهم ويصعب ويتشعب، فالحديث عنهم ذو شجون.
هم هبة الله التي وهبنا إياها، وهديته التي يتمناها كل عقيم محروم، ويبذل من أجلها الغالي والنفيس لكنه جل جلاله «يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور».
هم البشرى التي بشرنا الله بها كما بشر الله زوج إبراهيم بإسحاق عليهما السلام: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ}. ففي الجاهلية كانوا يبشرون أنفسهم بالذكور: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}!
هم زينة الحياة الدنيا وبهجتها، فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا، بهم تزين حياتنا، ومن دونهم تكون أكثر سوءاً ومللاً وضجراً لا نستطيع أن نخفيه، ولو حرصنا.
هم من أجلِّ النعم التي يرزقنا الله بها، فالبنات حسنات نثاب عليهن، والبنون نعم نسأل عنها.
هم رياحين نشمها متى اشتقنا لقلوب بريئة صادقة، وشم عطور زكية، وزهور ذات روائح عبقة، تذكرنا بوصف الرسول(ص) لسبطيه الحسن والحسين رضي الله عنهما: «هما ريحانتاي من الدنيا».
هم قوتنا في ضعفنا، وسندنا إذا وهن العظم منا واشتعل الرأس شيباً، بهم نأوي إلى ركن شديد.
هم الأنيس والونيس إذا أظلمت علينا الدنيا في الليل البهيم، فلا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات.
هم ظلنا ومرآتنا التي نرى أنفسنا فيهم، هم جزء وبضعة منا، دمانا التي تجري في عروقنا، امتدادنا يحملون أسماءنا، أفراحنا وأحزاننا نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم، بهم تتلون حياتنا بالألوان والجمال، والحب والصدق، والخير والأمل.
هم رأس مالنا واستثمارنا الحقيقي، بل هم أنفسنا وذواتنا، نراها فيهم بحركاتهم ولعبهم، وجدهم وهزلهم وضحكهم.
هم ذكرياتنا وإنجازاتنا التي نتغنى بها، وأحلامنا التي نسعى لتحقيقها من خلالهم، هم الوحيدون الذين نتمنى أن يتفوقوا علينا في كل شيء؛ لأنهم حاضرنا الذي نعمل فيه، ومستقبلنا الذي نسعى للوصول إليه في ظل رؤية إنشاء جيل صالح، ووطن آمن، ومجتمع متحد متعدد الأطياف، هم أنفسنا وأرواحنا وثمار قلوبنا وحصادنا وأكثر:
وإنما أولادنا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم
لامتنعت عيني عن الغمض