خالد بن حمد المالك
يحاول بعض اللبنانيين تسويق استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي لإعادة العلاقات بين المملكة ولبنان إلى ما كانت عليه قبل أن يسيء إليها حزب الله الإرهابي، وكأن المشكلة بين أن يبقى قرداحي وزيرًا أو يستقيل، وكأن الخلاف مع لبنان بسبب عبث هذا القرداحي في الكلام عن الوضع في اليمن بقوله: إن الحوثيين يدافعون عن دولتهم أمام ما أسماه العدوان السعودي.
* *
ويتحدث جورج قرداحي في استقالته عن أنه اتخذ هذا القرار لتسهيل مهمة الرئيس الفرنسي في إذابة الخلاف السعودي اللبناني من خلال وساطة مكرون خلال زيارته للمملكة، وهو ما يروج له الرؤساء اللبنانيون الثلاثة، والأحزاب التي تدين بالولاء لإيران على حساب لبنان والدول العربية الخليجية.
* *
وحسناً ما فعلت قناة (العربية) في إعلانها خبر الاستقالة على أنه خبر غير مهم، بينما لا يزال قرداحي وحتى كتابة هذا المقال مساء أمس يسوق نفسه بالانتقال من قناة لأخرى لإعطاء زخم من الأهمية لنفسه ولاستقالته، في ترويج إعلاني ممجوج، لعل المملكة تعلق عليه، وتبدي رأيها فيه، وهو ما لم يحدث من المملكة ولن يحدث.
* *
ويعلم اللبنانيون الشرفاء أن الخلاف مع لبنان المختطف من إيران إنما هو بسبب أفعال حزب الله، ولم يكن بسبب كلام تافه تفوه به هذا الوزير العميل، وإنما هو لدخول حزب الله طرفاً في حرب اليمن، من خلال تزويد ميليشيا الحوثيين بالسلاح والعتاد والرجال، وقيام هذا الحزب بتهريب المخدرات والأسلحة للمملكة.
* *
فضلاً عن أن حسن نصر الله أمين حزب الله، وفي كل خطاباته لا يتورع ولا يكف عن كلامه البذيء والساقط عن المملكة، ونشر الأكاذيب والمغالطات عن مواقف بلادنا المشرفة، بما يجر لبنان بكلامه إلى علاقات متوترة ومضرة بلبنان، وإرباك الاستقرار بين دول المنطقة تنفيذاً لسياسات إيرانية عدوانية لا تريد الخير لدولنا، ومثله ما يحدث من إساءات للمملكة من بعض الإعلاميين والحزبيين في لبنان، بما لا ردود فعل عليها من المملكة إلا بأخذ القرارات التي تحفظ للمملكة حقوقها ومصالحها، حتى وإن ألقى ذلك بظلاله على العلاقات السلبية بين بلدينا.
* *
وإذا كان التوقيت في استقالة قرداحي قد جاء متزامناً مع زيارة الرئيس الفرنسي للمملكة، فإن المشروع الذي طرح للنقاش بين الأمير محمد والرئيس ماكرون تركز على القيام بإصلاحات كبيرة في لبنان، والبعد عن أي تصرف يسيء لدول الخليج وعلى رأسها المملكة، بمعنى أنه تم تناول المشكلة الأساسية، بوضع حزب الله على طاولة النقاش، كونه حزباً إرهابياً يهدد مستقبل لبنان بقوة السلاح الذي يمتلكه، والدعم الإيراني مالياً وعسكرياً الذي يوفره له، مروراً عبر سوريا، وبذلك فإن المشكلة أكبر من استقالة وزير إعلام لا قيمة له، ولا استقالة وزير الخارجية اللبناني الأسبق للأسباب نفسها، والإصلاحات تبدأ أولاً بوضع حزب الله الإرهابي على طاولة النقاش ثم القرار، وهو ما حدث بين الأمير والرئيس، فالمملكة صاحبة قرار مستقل، ولا تتراجع عنه، ما لم يلب الطرف الآخر شروطها ومتطلباتها.
* *
نخلص من كل هذا إلى أن المملكة صاحبة قرار مستقل، ومواقف ثابتة، والتزام بالمبادئ، وحرص على التعامل الجيد مع الآخرين بأفضل صوره وتفاصيله، وهذا ما جعلها دولة قوية ومحترمة ومرجعية، لتساهم مع غيرها في أي مشكلة يمر بها العالم لإيجاد معالجة لها.