عبدالعزيز بن سعود المتعب
من استمع لكلمة الشاعر الأمير نواف بن فيصل بن فهد بن عبدالعزيز في (ليلة أسير الشوق) وما تضمّنته هذه الكلمة الضافية الرصينة من مضامين رفيعة شاملة، يدرك بكل إنصاف وحياد موضوعي أن لسان حال الكلمة اختزال لمقولة (أبناء الملوك ملوك)، ومن يعرف الأمير نواف عن قُرب ليس كشاعر غني عن التعريف فحسب، بل كإنسان بأدبه الجم وتواضعه، ونقاء سريرته، وأخلاقه العالية، ودقته (كقانوني)، يدرك أنه إزاء رجل مثالي بما تعنيه الكلمة -قبل وبعد الشعر- الذي هو أبرز نجومه المضيئة في سماء إبداع الكلمة، كما أن التكريس لحضور النخبة المثقفين من الشعراء الجديرين بتصدر الواجهة فيما يخص الشعر الشعبي له أبعاده الإيجابية ومردوده المنتظر على كل الأصعدة، فأصحاب التجربة المتبلورة تماماً هم الأنموذج المشرّف لما ينبغي أن يكون عليه مستوى الشعراء، في ظل تلاطم وسائل التواصل الاجتماعي بمتناقضات ما كان لها أن تكون باسم الشعر في غياب الثقافة الشخصية لبعض الشعراء والتجاوزات المرصودة والموثقة للأسف في أكثر من موقف.
وما تفاعل الجميع مع كلمة الشاعر الأمير نواف بن فيصل إلا تفعيل لمقولة وبضدها تتميز الأشياء، وقد استوقفني تأثره في جزء من كلمته وهو يتحدث عن والده الرمز الأمير فيصل بن فهد رجل الإنجازات الرياضية الوطنية المتفرّدة، ولأنني من جيل عايش تلك المرحلة، لن أنسى تأثر الجميع بفراقه -رحمه الله- وقد وجهت حينها للغالي الأمير نواف بن فيصل -الذي أعتز أسوة بغيري الكثيرين بروابط التقدير والمحبة والأخوة التي تربطني به- قصيدة نُشرت -آنذاك- في صفحة الأدب الشعبي في صحيفة الجزيرة، أُعيد نشرها هنا تفاعلاً مع جزئية ما جاء في كلمته التي ألقاها عن والده -رحمه الله-:
دم الخفوق اللّي غزى محجر العين
ما شاور الدمعة على روس الأهداب
بالبشت الأدهم يوم لفّوه مقفين
لفّوا معه كل الصبر عقب ما ذاب
صلّيت مع جمع الحزون المصلّين
وكنّي أقول لجايب العلم كذّاب
لوعة فراقه في نفوس الملايين
والله ما مرّت على شايب وشاب
كم وجه به حسره وصدمه وتأبين
ومشاعر بمحاسنه تُوثِق أسباب
ما في وفاته ناسٍ أقصين وأدنين
رجَّال واحد كلهم فيه منصاب
فيصل حفيد المجد من راس جدّين
فيصل بعيد الرأي حَلاَّل الأصعاب
الصيت يبقى في رفاع الميادين
وما للأجل دون البشر دايم حجاب
يا شامخ الهمّه على العسر واللين
(نواف ما مات الذي مثلكم جاب)
أبوك لو يفدى فدوه الكثيرين
اللّي عطوف القلب لأبعاد وأقراب
كلٍ دعا له ريف حال المساكين
والله كريم وللإجابة فتح باب
لك يا ولد فيصل رفيع المضامين
سيرة أبو فوق النجم سَطّر كتاب