فضل بن سعد البوعينين
باتت المنافسات الرياضية من أهم أدوات تنشيط السياحة، وجذب الاستثمارات، وتعزيز التنمية واستكمال البنى التحتية، وتطوير قطاع الإيواء والترفيه، وتحديث التشريعات بما يتوافق مع متطلبات الجذب السياحي، والاستثمار الرياضي.
تشكل السياحة الرياضية رافداً مهماً من روافد الاقتصاد، لارتباطها بقطاعين مهمين ركزت عليهما رؤية المملكة 2030، الأول القطاع السياحي الذي تستهدف الرؤية رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق الاستثمار الأمثل للمقومات السياحية، وبما يسهم في خلق الوظائف والفرص الاستثمارية، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة عدد الزائرين للمملكة. والثاني تنمية القطاع الرياضي، وتطويره وبما ينعكس إيجابا على المواطنين، وبخاصة فئة الشباب، وتحفيز ممارسة الرياضة واحتضان المنافسات العالمية، وخصخصة القطاع لضمان استدامته وكفاءته ومواكبته للمتغيرات العالمية وجعله أكثر جاذبية لاستثمارات القطاع الخاص.
ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030 شهد القطاع السياحي، والرياضي اهتماماً بالغاً، ومتابعة دقيقة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي لم يكتف بدوره الفاعل في خلق الإستراتيجية والبرامج والمشروعات النوعية لتطويرهما، بل حرص على تسويقها وتقديمها للعالم، ودعم الأنشطة الرياضية من خلال تواجده الدائم في منافساتها المهمة، وبما يكسبها بعدا إعلاميا وتغطيات مكثفة تعزز من نجاحها وانتشارها المحلي والعالمي. دعم تاريخي للقطاعين السياحي والرياضي وفق رؤية متناغمة محققة للتكامل الأمثل، أسهم في نقل الرياضة السعودية والسياحة عموما إلى مستويات عالمية، وآخرها سباق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا1، الذي أقيم على حلبة كورنيش جدة، الحلبة العالمية التي تم إنشاؤها خلال ثمانية أشهر وبمواصفات عالمية دقيقة عكست الإمكانات السعودية المتقدمة في تنفيذ المشروعات النوعية في فترة زمنية قصيرة وبجودة عالية. حضور صانع الرؤية والداعم الأول للرياضة والشباب، الأمير محمد بن سلمان للسباق أكد على دعم القيادة اللامحدود للمنافسات الرياضية العالمية، والإصرار على تفعيل دور المملكة في هذا الجانب، واستثمارها المقومات المتاحة لتكون جزءاً رئيساً في منظومة المنافسات الرياضية العالمية. انعكاس سباق الفورمولا 1 على القطاعين السياحي والتجاري كان واضحاً في مدينة جدة، التي استفادت اقتصاديا وتنمويا وإعلاميا واستثماريا من احتضانها المنافسة العالمية، وهو أمر سينعكس على الاقتصاد الوطني عموما، ويؤسس لمنصات استثمارية جديدة، ومشروعات مستقبلية تبنى على النجاحات المحققة والتجارب المتميزة.
تسعى المملكة لأن تكون وجهة عالمية للسياحة الرياضية من خلال استضافة الفعاليات الرياضية المختلفة، والتوسع في خلق المنشآت الرياضية وتطوير قطاع الإيواء وتحقيق المتطلبات الدولية، وإنشاء القرى الرياضية والسياحية المتكاملة. أكثر من 11 مليار ريال هي مجمل تكلفة المشروعات الرياضية المستهدفة بالتنفيذ، وهي مرتبطة بشكل مباشر بالمشروعات السياحية والبيئية الكبرى في نيوم، والقدية، وأمالا، والعلا، ومشروع The Rig في المنطقة الشرقية الذي يجمع بين السياحة والترفية والرياضات البحرية.
فورمولا الدرعية، رالي داكار السعودية، وسباق الفورمولا 1 من المنافسات الرياضية التي تحظى باهتمام عالمي منقطع النظير، نجحت المملكة في استضافتها مؤخراً، محققة بذلك أهدافاً متنوعة، ومنها إشباع شغف الشباب، وإدخال منافسات رياضية جديدة تحقق التنوع، واستثمار التغطيات الإعلامية المكثفة لإبراز التطور الحضاري، والتحول التنموي الكبير الذي أحدثته القيادة خلال فترة زمنية قصيرة، واستثمارها للترويج السياحي من خلال نقل صور حية عن كنوز المملكة البيئية والثقافية والسياحية وتضاريسها الجميلة، وإعادة تشكيل صورتها النمطية في الإعلام والمجتمعات الغربية.
السياحة الرياضية من أدوات التنمية الاقتصادية المهمة، كما أنها من مفاتيح التنمية البشرية والثقافية، ومد الجسور التي تعيد ربط المملكة بعالمها الخارجي وفق رؤية حديثة ومراجعة شاملة للصورة الذهنية التي بدأت في التحول التدريجي نحو الأفضل، برغم التحديات والاستهداف المنظم للتقليل من المنجزات العالمية التي تصنعها المملكة بأيدي أبنائها وقيادة عراب الرؤية الأمير محمد بن سلمان.