عبده الأسمري
يولد الإنسان على الفطرة التي أوجدها الله فيه ووضعها كلبنة أولى في بناء «الفرد» ضمن منظومة الجماعة الأولى التي تبدأ في محيط الأسرة ثم تنتقل إلى ميدان التعلم وإلى معترك الحياة بكل اتجاهاتها وأبعادها في خطوط حياة وحظوظ نجاة ينتهل فيها من معين التجارب وينهل وسطها من منبع الخبرات..
المعرفة الهدية المثلى التي ينال منها الإنسان «عطايا» الفهم ويحصد فيها «هدايا» العلم فإذا نشأ تحت ظلالها انخطف إلى متون «التأثير» وانجذب إلى شؤون «الأثر» وتحول إلى «رقم» صحيح في «خانة» المآثر..
منذ ذلك اليوم الأول الذي يتعلم فيه «الطفل» أولى «مكارم» اللغة بلهجة مكسورة الأحرف معصورة اللفظ ليطلق الاتجاه الأول في إيحاءات ارتباط النفس بالمحيط العائلي وترابط الذات بالمجتمع الأسري مروراً بحل «عقد» المفردة وجبر «كسر» الكلمة ورصد «معاني» الحديث وانتهاءً بوجوده في دروب من التعلم اللغوي لا تنتهي حتى الرحيل.
تأتي المعرفة على «طبق» من ذهب و»عبق» من المعنى في أول أيام الدراسة التي يتحول فيها الإنسان من «كائن» جاهل إلى آخر متعلم فتبدأ أولى خطوات المعرفة عندما تتدخل «المهارة» لتبرز التفوق وتحل «الموهبة» لتعلن التميز حينها تأتي «الفروق» الفردية و»الفوارق» الذهنية لتوضح «التباين» بين البشر في تلقي المعارف وفي اعتلاء «المشارف»..
يتجه «المتيمون» بالاستطلاع حول الجديد والاطلاع على المستجد إلى الضياء المعرفي فيلاحقون «إمضاءات» التعلم وينتظرون «إمضاءات» التعليم في كل اتجاه ليصنعوا لهم «عالمهم» الخاص الذي يعتلي بالمعرفة ويرتقي بالثقافة فنجدهم الأكثر بهاءً والأعلى زهاءً في إظهار «الرقي» الإنساني وفي إنتاج «السمو» البشري.
تسهم المعرفة في تحويل «عناصر» المجتمع المنتمية لمجموعة «الإنسان» إلى «نماذج» فاعلة تنتظر الاقتداء و»أمثلة» مضيئة تستحق الاحتذاء في مناهج «دراسة» أو محافل «تكريم» أو مواقع «عمل» مما يجعل الضياء متاحاً لكل «بوصلة» بشرية أرادت السير في دروب «العطاء» المعرفي والارتقاء عن مسارب «الخواء» الفكري.
الحاصدون للمعرفة في كل مجالاتها واتجاهاتها «فائزون» في تنافس الفكر و»حالمون» يتبعون بصائر «الذات» الطموحة لصناعة «مصائر» النفس المنتصرة في «السباق» المعرفي في مستوى «الأداء» وفي محتوى «الإنتاج».
تسهم المعرفة في صقل شخصية الإنسان من خلال تهذيب أخلاقه ورقي تعامله وجودة عمله وأناقة لفظه وسلامة قلبه وجمال روحه وأصالة معدنه وصفاء روحه لذا كان الماكثون في دوائر «المعارف» الفئة الراقية في التعامل والمجموعة الزاهية في التكامل بين معطيات «التجارب» و»عطايا» المشارب التي يقترف منها البشر كل وفق نصيبه «المفروض» من المهام وحظه «المفترض» من الهمم في منظومة «جد واجتهاد» تعلو بهيمنة «الطموح» وتنتهي بسلطنة «الفوز» في سداد «الإنجاز» وفي رصيد «الاعتزاز»
عندما يشبع الإنسان عقله ويعزز فكره ويلهم نفسه بأساسيات وأصول وأركان «المعارف» ليبني شخصيته ويحدد دروبه وينظم حياته فإنه قد استثمر كنوز «المعرفة» ووظفها في خدمة نفسه واستثمرها في همة ذاته ليكون من «أهل» النفع ومن «خاصة» الشفع ومن ركب «المعروف» في نثر عبير «المنافع» ونشر أريج «الفوائد» لتكون بشائر ينتظرها الباحثون عن مدارات الجودة والمقيمون في دوائر الاستفادة.
الحياة رحلة يمر الإنسان خلالها بمحطات «العيش» ويتعرض خلالها لسقطات «الظروف» وهو في ذلك بين قطبين من «الاقتدار» نحو النجاة أو «الانحدار» إلى «السقوط» لتأتي «المعرفة» كدواء «نافع» وسخاء «شافع» ينجي البشر من «سوءات» الجهل ويرتقي بهم إلى «إضاءات» النبل.
للمعارف «كنوز» ينالها من يجيد الغوص في أعماقها والتفكر في آفاقها حتى يحصد «ثمار» المنافع ويجيد «استثمار» الفوائد ليكون الإنسان فيها نصيراً للإبداع وعضيداً للابتكار وسنداً للتطوير في دروب العلوم وفي مسارات الآداب وفي مجالات الثقافة.