خالد بن حمد المالك
حالت جائحة كورونا - على ما يبدو- بين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وبين برنامجه لزيارة عدد من الدول ومن بينها دول مجلس التعاون للدول الخليجية العربية، لكنه يبدأ اليوم بجولة تشمل على التوالي سلطنة عُمان، ودولة الإمارات، ودولة قطر، ومملكة البحرين، ودولة الكويت، في ظروف أفضل، بعد أن تَمَّتْ المصالحة بين الدول الشقيقة مع الشقيقة دولة قطر، ما يؤذن بأن مرحلة جديدة من العلاقات المتميزة سوف تنطلق مع زيارة الأمير محمد لكل هذه الدول.
* *
ومنذ بيان العُلا، بدأت العلاقات تأخذ وضعها الطبيعي، وإن كان هذا الوضع قد تمَّ بالتدرج، ومن خلال إستراتيجية جديدة لا تسمح في المستقبل بأي اختراق يسيئ إليها، أو يضعفها، أو يعيدها إلى ما كانت عليه خلال الفترة السلبية السابقة التي صاحبتها، ما يجعل من زيارة سمو الأمير إسنادًا لهذا التوجه، وتجذيرًا له، وعملاً غير مسبوق لترتيب بيت الخليج العربي الواحد، في ظل تحديات تشهدها المنطقة والعالم برمته سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
* *
ومن المؤكد أن الأمير محمد يحمل معه مجموعة ملفات مهمة سيناقشها مع قادة هذه الدول بروح من المسؤولية تجاه شعوبنا، وبالتناغم والتفاهم مع أصحاب الجلالة والسمو، انطلاقًا من دور الشقيقة الكبرى وهذه الدول الشقيقة في تحمُّل المسؤولية في بناء جدار سميك، ومصدات قوية ضد أي تدخل أجنبي يسيئ إلى هذه العلاقات، سواء على المستوى الثنائي، أو من خلال الروابط الجماعية التي تجمع هذه الدول ببعضها تحت مظلة مجلس التعاون.
* *
والزيارة الأميرية بتوقيتها وملفاتها، والأجواء التي تصاحبها، ومكانة سمو ولي العهد لدى قادة هذه الدول، كلها تضيء الطريق نحو مستقبل أفضل، بعد أن تَمَّتْ المصالحة، واستبعاد كل ما كان سببًا في تسخين الأجواء، وتعكير العلاقات، الأمر الذي ما كان يجب أن يكون لولا سوء الفهم، والتباين في وجهات النظر، وهي أمور تمَّ تجاوزها ومعالجتها بحِكمة الملك سلمان وأشقائه قادة الدول العربية الخليجية.
* *
غير أننا أمام هذه الزيارة للأمير محمد بن سلمان، وإن كانت لا تتجاوز يومًا واحدًا في كل دولة، إلا أن التحضير لها، والتنسيق بين المملكة وكل دولة، كافٍ لإظهار نتائج سارة، وتحقيق توافق بأكثر مما يتوقعه المراقبون، كون السياسات بين هذه الدول، والتوجهات متقاربة، مع استقلالية كل دولة في إدارة شؤونها وفقًا للتفاصيل والمصالح المرتبطة بطبيعة كل دولة واحتياجاتها.
* *
وما نؤمله ونتطلَّع إليه في الاتفاقيات والتفاهمات التي سيُعلن عنها بين المملكة وكل دولة من هذه الدول خلال الزيارات، أنها ستكون بمثابة خريطة طريق للعلاقات الأكثر تميزًا يرسم فيها أبعاد التطورات الإيجابية للعلاقات الثنائية والجماعية بين دولنا، تحقيقًا لمصالحها، واستجابة لما يلبي تطلعات المواطنين في كل دولة، وفقًا للمصالح المشتركة، وتلك الثنائية بين دولة وأخرى، بما لا خوف من المستقبل، رغم شراسة التحديات، لأن الموقف الصلب لدولنا على مستوى من القدرة لإفشال كل تحدٍ في الحاضر والمستقبل.
* *
إن زيارات سمو ولي العهد، والتي لن تستغرق أكثر من خمسة أيام موزعة بين دول المجلس بواقع يوم واحد لكل منها، سوف تظهر جدية العلاقات بين دولنا، وقوتها، ومتانتها، وانسجامها مع تطلعات شعوبنا، وأن ما يتم التحضير له للتوافق على جدول أعمال القمة الخليجية القادمة بين الدول الخليجية، سوف تستفيد من هذه الزيارات في البناء عليها، ما يعني أننا أمام قمة خليجية قادمة مهمة جدًا بأجوائها ونتائجها، متأثرة إيجابيًا بهذه الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدول المجلس.