د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تحولت السعودية إلى بحيرة خليجية عربية اقتصادية، كما ان السعودية مركز روحي واستراتيجي، أيضا تحولت إلى مركز اقتصادي، تسع الدول الإقليمية والعربية والدولية أيضاً، وهو يشجع إيران التي تهدد أمن منطقة الخليج والمنطقة العربية أن تغير استراتيجيتها الأيديولوجية إلى استراتيجية اقتصادية تنموية تصب في صالح شعبها وفي صالح المنطقة برمتها لتحويل المنطقة إلى أوربا الجديدة، كما في رسالة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أحد لقاءاته الموجهة لإيران ولبقية دول المنطقة.
عملاق النفط أرامكو أكبر شركة نفط في العالم سجلت أرباحاً قياسية في الربع الثالث من 2021، حيث ارتفع صافي دخل الشركة في الربع الثالث إلى أكثر من الضعف ليبلغ 114.1 مليار ريال ( 30.4 مليار دولار ) مقابل 44.2 مليار ريال في الفترة نفسها من عام 2020، هزت عرش أبل قيمتها السوقية فوق تريليوني دولار، فهي تعيش اليوم لحظة تاريخية، وإنجازا ضخما بعدما استطاع فريق العمل في أرامكو التغلب على التحديات التجارية والهندسية والفنية والبيئية المرتبطة بجدوى تطوير حقل الجافورة على مدة 7 سنوات من أجل التوصل إلى تحقيق الجدوى التجارية للموارد غير التقليدية الضخمة في السعودية، ما يجعل مشروع تطوير الغاز غير التقليدي مهما ليس فقط في تحفيز المزيد من تكامل أعمال الشركة وتنوعها وتحقيق القيمة المضافة، بل سيحفز نهضة صناعية في المملكة.
من المتوقع أن يساعد غاز السعودية في تحقيق هدفها المتعلق بتصفير الانبعاثات بحلول 2060 حيث تستخدم السعودية غازا ليحل محل النفط وزيت النقود في محطات توليد الكهرباء، والذي سيغني السعودية عن حرق نصف مليون برميل يوميا في توليد الكهرباء، ويمكنها في الوصول إلى مزيج الطاقة وسيشكل الغاز 50 في المائة من الطاقة المستخدمة في الكهرباء بحلول 2030، ويسهم في إنتاج الهيدروجين الأزرق ليدعم تحقيق السعودية هدفها إنتاج 4000 كيلو طن من الهيدروجين منخفض الانبعاثات الأخضر والأزرق سنويا بحلول 2035 يسهم في تقليل الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري بنحو تسعة ملايين ونصف مليون طن سنوياً.
وفتح الأبواب والآفاق لتطوير مفهوم مزيج الطاقة في السعودية، ما أدى إلى إطلاق برنامج شامل لمزيج الطاقة، شارك في إعداده أكثر من 17 جهة، وهو حجر الزاوية في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، كما تستخدم جزءا منه في إنتاج الهيدروجين، أي أن الغاز الطبيعي يمثل جسرا رئيسا في تحويل الطاقة، حيث وقعت أرامكو 5 مذكرات لخفض الانبعاثات، وسيتم تطوير الحقل وفقا لأعلى المعايير البيئية التي تلتزم بها أرامكو، وفق برنامج التحول الرقمي، والاستعانة بالتقنيات المتقدمة للثورة الصناعية الرابعة، ويشكل المشروع عنصرا أساسا في توجه الشركة نحو الحياد الصفري وتعزيز الاستدامة بمواصلة التركيز على إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، والمساعدة على تقليل الانبعاثات في قطاع الطاقة المحلي من خلال توفير بديل أنظف للوقود السائل.
أعلنت السعودية انطلاق مشروع حقل الجافورة الواعد للغاز عالميا الذي سيوفر نحو ملياري قدم مكعبة يوميا من الغاز بحلول عام 2030 يتوج السعودية ثالث أكبر منتج غاز في العالم، وهو أكبر حقل غاز غير مصاحب في السعودية امتداداته 170 كيلو مترا في 100 كيلو متر تقدر احتياطياته بنحو 200 تريليون قدم مكعب من الغاز الخاص، معلنة عن إرساء عقود لتطوير الحقل على شلمبرجير و هاليبرتون بجانب شركات محلية ودولية تتولى تطوير المكونات فوق سطح الأرض وفي باطنها في برنامج الجافورة من أجل تسليم الغاز بموثوقية من خلال شبكة مصممة خصيصا لذلك الغرض، تضم معملاً لمعالجة الغاز، وشبكة لضغطه، وخطوط أنابيب نقل رئيسية، وخطوط تدفق، وخطوط أنابيب لتجميع الغاز يصل طولها إلى 1500 كيلو متر تقريباً، يتوقع أن يبدأ الإنتاج منه مطلع عام 2024 إلى تزايد إنتاج الحقل من الغاز تدريجيا ليصل إلى نحو 2.2 مليار قدم مكعبة قياسية يوميا من غاز البيع عام 2036.
يسهم تطوير حقل الجافورة في جعل موارد السعودية غير التقليدية الهائلة مجدية من الناحية التجارية، وفي نفس الوقت يمثل اللقيم للصناعات البتروكيمائية والمعدنية، فهو بجانب إنتاج غاز مستدام يصل إلى ملياري قدم مكعبة في اليوم، بالإضافة إلى كميات ضخمة من الإيثان تصل على 418 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، الذي يعتبر الذهب الأبيض للتنمية الصناعية، وكذلك إنتاج كمية ضخمة من سوائل الغاز والمكثفات ذات القيمة العالية، والتي تشكل اللقيم الأساس لقطاع البتروكيمائيات المتنامي بنحو 630 ألف برميل يومياً، من أجل تحقيق طموحات السعودية المستقبلية، إذ تواصل شركة أرامكو استكشاف حقول جديدة، وكذلك إعادة تقييم الحقول القائمة، من أجل تحقيق هدف الشركة لتطوير محفظة أعمال غاز عالمية متكاملة لتلبية الطلب طويل الأجل على الطاقة والبتروكيمائيات.