لم تكن الشيلات معروفة في تراثنا العربي منذ القدم كما هو الحال في الوقت الحاضر، والتي للأسف بدأت تطفو على السطح وما يصاحبها من آلات ومؤثرات صوتية كان في السابق الشعر سيد الموقف، وكما يطلق عليه «ديوان العرب» لأنه يحفظ الأحداث والمواقف لعدم وجود مطابع وكتب تكون مرجعية لتلك الأحداث، كانت شيلات الماضي تستخدم في الحرب لهجاء العدو وشحن الهمم، وكذلك استخدامها وتوظيفها في وقت الانتصار للتعبير عن الفرح، وكانت طريقة الأداء يقوم بها شخص واحد ومن ثم يردد خلفه مجموعة من الرجال، ولم تكن بما يحدث اليوم في الوقت الحاضر بلونها وألحانها، للأسف أصيب مجتمعنا في الآونة الأخيرة بتخمة الشيلات -إن جاز التعبير- فأصبحت الشيلات حاضرة في كل المناسبات في المهرجانات والزواجات، وكذلك حفلات التخرج والتعيين والسير خلفها وفي شيخ القبيلة ورجال الأعمال أصبحنا نصحو وننام على صوت وأهازيج الشيلات، وهذا مؤسف، كان العمل الغنائي يحتاج لوقت طويل ربما يحتاج لعدة سنوات، مع أن الشيلات من الغناء «منزوع الدسم» ولا خلاف في ذلك، ويمر بعدة مراحل القصيدة واللحن والأداء حتى يخرج العمل بالشكل اللائق، ولربما اضطر الفنان لتسجيل أغانيه في إحدى الدول العربية وأنا أتكلم عن جهد الفنانين القدامى منهم والحاليين حتى ينزل العمل للسوق، أما الشيلات فلا يتجاوز العمل الأسبوع الواحد أو أقل لتوفر الشاعر والمنشد والأستوديو، وهذا بلاشك أثر على الفن الحقيقي الأصيل الذي تطرب له المسامع وتخلد أغانيه في أذهان محبي وعشاق الطرب، أنا أجزم أن تمدد الشيلات وجعلها فناً متواجداً في كل مناسبة هو ظلم في حق الفن والفنانين الذين مازلنا نردد أغانيهم والذين أمضوا حياتهم في خدمة الفن وكذلك الشعراء أصحاب الشعر العذب نتمنى من الجهات الرقابية والمعنية الحد من انتشار بعض الشيلات لأن بعضها لا يقل تفاهة عن مهرجي مواقع التواصل الاجتماعي جماعة ارفع الشاشة فوق، وأخشى أن يكون هناك شباب يتربون على بعض الشيلات مستقبلاً وما تثيره من نعرات قبلية، نتمنى ألا نسمع شباباً يرددون مثل الشيلات التي ترسخ مفهوم العنف والتطاول وعدم احترام النظام الفن لغة الشعوب الراقية، نتمنى الاهتمام بموروث الفنانيين الشعبيين وأن تكون أصواتهم حاضرة في المناسبات لأنها مصدر فرح تنشر السعادة في أرجاء المكان، فوزي محسون، وطلال مداح، وسلامة العبدالله، وحمد الطيار، وعبدالله الصريخ -رحمهم الله- فنانونخدموا الأغنية الشعبية سنوات طويلة، وكذلك في الوقت الحاضر فنان العرب محمد عبده، وطلال سلامة وغيرهم لا يزالون يحيون الليالي الغنائية بأصواتهم العذبة، نتمنى أن نسمعها في مناسباتنا بدلاً من بعض الشيلات التي لا طعم لها ولا لون ولا رائحة، والتي أصبحت دخيلة على الفن، ولاشك الهيئة العامة للترفية قامت -مؤخراً- بدعوة فنانين لإحياء موسم الرياض، وما شاهدناه من جمهور غفير محب للفن هو جهد تشكر عليه الهيئة ممثلة برئيسها معالي المستشار تركي آل شيخ الذي يسعى جاهداً وفريق العمل معه لتقديم الترفية بصورته الحقيقية التي عهدناها في السابق.