أميرة عثمان
جرت العادة يا سادة أن ينخدع البصر ويُرى الماء وما أن يصل إليه حتى يجده وهماً.. ولكن!
الجدير بالشفقة هو سراب القلوب!
نعم.. عندما يكون الإنسان شغوفًا بأمرٍ ما ويملؤه الحنين إليه سنوات وسنوات يبحث عنه بكل الأركان دون ملل أو تهاون، تقلبه الحياه يميناً ويساراً هبوطاً وصعوداً وتمر عليه سنوات العمر وكأنها لحظات معدودة وكأن آلة الزمن توقفت أمامها بموقف أو لحظات أو ربما أماكن أو أشخاص..
قد يهوى الإنسان مكاناً قد يجده الآخرون بلا قيمة ولكن يراه هو الحياة?
وقد يعشق الإنسان حقبة زمنية مرت دون أحداث ولكنها تركت في النفس أثراً لن يزول وإن مر عليها المديد من العصور..
وهناك من يعشق طريقاً مر به ذات يوم حتى ولو بمفرده! نعم يعشقه حتى أصبح ممتناً لثرى وطأته ذات يوم دون أن تلقى لها بالاً..
ويظل على مر سنوات العمر يربط كل ذكرياته وشغفه وحنين روحه إلى بعض حبات الثرى!
قد يراه البعض جنوناً! والآخر يراه مبالغة ولكنه لا يبالي فقد ملأ عبق المكان فؤاده حتى أصبح جزءًا من كيانه وقطعة من روحه التي تهفو إلى المرور به ولو للحظات عابرة لتشبع حنين عمر انقضى بحثاً عن عابري الطريق!
عابرو الطريق؟ أكان بالطريق عابرون أو أنها كانت دقات قلب أحدثت ضجهً هزت أركان المكان حتى أوهمته بمرور أشخاص.
إذا أكان الحنين للطريق أم للعابرين؟.
وهل كان هناك عابرون؟ أم أنه كان سراباً!!
ويعود محملاً بالروح المتعبة نفسها فقد أنهكت قواها باحثة عن ذاك الشيء المفقود ذاك الشيء الناقص..
الصورة غير مكتملة! والرؤيا غير واضحة، هناك شيء بعيد جداً يلوح وينادي قائلاً.
أنا موجود? نعم أنا المبتغى وأنا المكمل لكل النواقص!! أيعقل هذا؟ أصدق هذا؟
أم أنها أحلام يقظة!
ولكن لا جدوى فقد عدنا أدراجنا إلى الخلف نلهث خلف ماضٍ ظنناه يوماً مستحيلاً واليوم أصبح واقعاً وأبدعت الروح في نسج خيوط من حرير تشتد لتصبح أوتاراً تعزف سيمفونية الأمل.
وبات القلب يصدر صرخات لا دقات معلنة!
نعم موجود ولم يكن شبحاً ولا حلم يقظة..
وأمضوا في طريقهم المليء بالأحلام والرجاء والدعاء أن يكتمل الناقص..
وما إن رحل القمر وبدأ ضوء النهار حتى وضحت الرؤيا!!
وبدأت دقات القلب تتسارع وكأن القلب لا يدق بل يضرب برأسه بأركان الصدر يحدث صدى صوته أنيناً بالضلوع.
تُرى أكان سراباً؟!