سلمان بن محمد العُمري
ألقت أزمة كورونا بظلالها على الاقتصاد العالمي وتأثر بهذا الوباء تأثيرًا كبيرًا، وسجلت الأرقام الخاصة بالتعاملات التجارية والصناعية هبوطًا كبيرًا أدى إلى خسائر كبيرة لحقت ببعض الشركات والمؤسسات العالمية، وكذلك الدول والتي تحتاج إلى فترة طويلة لمعالجة أوضاعها الطبيعية هذا إذا كانت لا تزال باقية تلك المؤسسات، ولم تعلن إفلاسها وخاصة من لديها قروض كبيرة يستلزم سدادها في فترات محددة، وحالت الظروف خلال العامين الماضيين من الالتزام والوفاء مع تراجع المبيعات.
ونحن جزء من العالم ومنظومته ولسنا بمنأى عن هذا التأثر، ورأينا أعراض هذه المشكلة العالمية في بعض القطاعات الخاصة، وسمعنا عن إقفال عدد من الشركات والمؤسسات أبوابها أو تقليص عدد العاملين بها نتيجة لهذا التأثر، وهذا أمر طبيعي شمل جميع دول العالم.لكن المشكلة التي بدأت تظهر مؤخرًا ويتذمر منها كثير من العاملين في المنشآت الصغيرة هو الضرر الذي لحق بهم ليس من أزمة كورونا وتداعياتها فحسب، بل من نواحٍ أخرى في مقدمتها الرسوم العالية والمتعددة لأكثر من قطاع، ثم المخالفات الطاحنة أو الغرامات العالية التي تغرقها أيضاً أكثر من جهة، والتي أدت إلى خروج الكثير من المستثمرين من فئة الشباب أو المبتدئين لعدم قدرتهم على الوفاء بالمتطلبات وعدم وجود إيرادات توازي ما يتم إنفاقه على محلاتهم في هذين الاتجاهين، وكان الله في عون المواطن المستثمر الذي أصبح يعاني الأمرين من الرسوم الباهظة والمخالفات المجحفة من كل صوب، واتجاه مع رسوم إقامات العمالة ورخصهم والتأمين عليهم، وفي السابق كان التاجر البسيط والمستثمر الكبير على حد سواء يتلقون الدعم والإعانات والقروض الميسرة، واليوم أصبحوا بين مطرقة المخالفات وسندان الرسوم، وأتمنى من الجهات المعنية بالنشاط التجاري والاقتصادي والاجتماعي أن تعي المعاناة التي وقع فيها هؤلاء، كما أتمنى أن يتدخل مجلس الشؤون الاقتصادية ويرصد ملحوظات أصحاب المعاناة وشكاويهم المتكررة من الظلم والتسلط من بعض الجهات، وتعدى ذلك حتى عند قفل نشاط مؤسساتهم فهم لم يسلموا من تبعات العمل المقفل المغلق، فالكل يشتكي من الإجراءات المعقدة ودفع الرسوم وأعباء كثيرة لا حصر لها ولا قدرة لهم عليها.أتمنى أن تجرى دراسة عاجلة للموضوع ويصار إلى قرار خاص ولو مؤقتًا بأن تعامل المؤسسات الصغيرة معاملة خاصة بحيث تكون الرسوم رمزية مع تقديم تسهيلات أخرى ولو في السنوات الأولى، لأن ظاهرة الإفلاس والفشل أصبحت شائعة ومقلقة ومؤثرة ليس على أصحابها فقط بل على المنظومة الاقتصادية، فكم من العاملين والعاملات من السعوديين في هذه الأعمال ستتوقف أعمالهم ويعودون لبيوتهم كما عاد صاحب المؤسسة إن لم يكن قد أودع التوقيف وإيقاف الخدمات بسبب الالتزامات المالية والقروض!!
إن معظم دول العالم لا تستغني عن المشاريع والمنشآت الصغيرة، وحتى لا نفاجأ أيضاً بوجود مستثمرين سعوديين في الخارج بسبب بيئة العمل غير الجاذبة، وبإطلالة سريعة وعاجلة على معاناة بعض التجار الصغار في مواقع التواصل الاجتماعي، وبأسماء حقيقية غير وهمية يتبين حجم المعاناة التي نأمل أن يكون هناك قرار عاجل وحاسم لها.