حسن اليمني
إسرائيل تحاول أن تنسب البشتون في أفغانستان إلى بني إسرائيل للوصول إلى المعادن الثمينة، والصين تؤمن بأن أفغانستان ستصبح عضواً في جامعة الدول العربية في المدى القريب، ودول عربية تسبق الإذن الأمريكي هناك.
وجود اسم إسرائيل في النسب البشتوني الأفغاني أغرى الكيان الصهيوني بالبحث والتحري ومحاولة تأكيد النسب واعتبارهم من السبط الإسرائيلي الذي هاجر شرقا إلى بلاد خراسان ودخلوا الإسلام لكن الأمر حتى وإن ثبت النسب إلا أن العقيدة أولى وأقوى وبالتالي تبدو المحاولة الإسرائيلية أشبه بالمزحة ليس أكثر.
الصين التي ترى احتمالاً كبيراً في تحول اللغة الرسمية في أفغانستان إلى اللغة العربية، يبدو احتمال قوي وقريب نظرا لقوة التدين والرغبة في أسلمة الثقافة والإدارة في أفغانستان الذي سيؤثر فيما بعد على اتباعها من الايجور الترك في الصين لذا ترى أن علاقة قوية من خلال الاستثمار التعديني في أفغانستان التي تمتلك من المعادن ما يتجاوز في قيمته سبعة تريليونات دولار وخاصة معدن الليثيوم الذي يدخل في صناعة بطاريات الهاتف المنقول والبطاريات الكهربائية بشكل عام في أجهزة الحاسوب المدنية والعسكرية، ترى أن فرصة الاستفادة منه يتوجب الدفع بالعلاقة مع أفغانستان بهذا الاتجاه العربي الإسلامي، هو الخيار الأمثل لتجاوز أي منافسة محتملة من أمريكا والغرب عموما خاصة أن التجربة الأفغانية مع الغرب ابتداء ببريطانيا ثم أمريكا أخيرا كانت مأساوية وعنترية متصادمة مع النفع المتبادل مع الدولة الأفغانية لوجود العداء الغربي للإسلام أو الثقافة الإسلامية التي أظهرت أفغانستان وخاصة في عهد طالبان قوة وشدة التمسك به، واتباع سياسة المرونة والتوافق الصيني مع الإسلام برغم ما تعرضت له أقلية الإيجور في الصين من مآس على يد الحكومة الصينية إلا أنها منحتهم اليوم شبه استقلال ذاتي وفتحت المساجد وأبقت على تراثهم الاجتماعي وهي تسعى لاستخدام ذلك في التقارب مع أفغانستان الإسلامية لخلق منافع ومصالح استراتيجية معها يتيح لها السيطرة في استغلال الثروة المعدنية الغنية والبكر او العذراء في أفغانستان.
بالنسبة للدول العربية والخليجية على وجه الخصوص والسعودية على وجه اخص فإن الاستثمار التعديني في أفغانستان في غاية الأهمية وهي فرصة عظيمة ومن الرائع أن تستثمر الجهود في سبيل ذلك بشكل سريع وبجرأة سياسية تتجاوز الأثر الأمريكي والغربي.
إن ربط الخليج العربي بأفغانستان والباكستان ومن ثم مع الصين بالاستثمار التعديني والتصنيع التقني سيدعم ويقوي الموقف العربي أمام أمريكا والغرب عموما مستندا لقوة ذاتية مدعومة بالقوة الصينية التي تختلف بشكل واضح عن القوة الأمريكية التي تعتمد الهيمنة والسيطرة على حساب مصالح ومنافع بل وحقوق الطرف الآخر، يكفي أن تعلم أن الاستفادة الأمريكية من العرب أكبر وبكثير منها عن الكيان الصهيوني ومع هذا تقدم أمن وحماية الكيان على حقوق ومصالح العرب وهذا بحد ذاته يكفي للبحث عن فرص الخروج من هذا الاجحاف وقد سنحت الفرصة بوجود الاستراتيجية الصينية التي اختارت التعاون مع إسلام الدول الإسلامية كل على حده بدلا من التعاون مع عالم إسلامي هو في الأصل غائب منذ مائة عام وإن ظهر على شكل منظمات بين دول إسلامية لا تعاون بينها في حقيقة الأمر بأكثر من شعارات إعلامية، وفي اعتقادي أن هذه سياسة اكثر عقلانية وأكثر عدالة من عنونة التعاون مع عالم إسلامي هو في الأصل متفتت ومحكوم بأنظمة مختلفة ومتخالفة.
لعله آن الأوان لإعادة بناء الاستراتيجيات على المصالح والمنافع من خلال الاستثمار والتعاون الاقتصادي والتجاري والربط مع الصين كقوة اقتصادية عالمية للحصول على المكانة اللائقة بالدول الإسلامية في العالم الجديد الذي أصبحت درجة ظهوره تتسابق مع درجة افول الغرب الصناعي ما يحقق مساحة عدل وإنصاف افتقدناه في عالمنا العربي والإسلامي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وذلك من خلال بناء القوة الاقتصادية الحقيقية والقوة العسكرية الحرة اللتين تعطيان القرار السيادي إرادته المستقلة.