سهوب بغدادي
حمداً لله بداية على ما مضى وما نعاصره اليوم من تطورات في كل المجالات والأصعدة في المملكة العربية السعودية، في ظل القيادة الحكيمة -أيدهم الله- والمحاولة الشاملة من كل الكيانات الفعالة والمؤثرة والأفراد لتحقيق رؤية مملكتنا الطموحة 2030. فلمسنا التغيرات وقطفنا ثمارها قبيل أوانها ولله الحمد، فالقادم أفضل بالتأكيد ما دامت المؤسسات والأفراد يسعون في ذات النهج، كما أكبر دور المملكة الريادي الذي تجلى بشكل خاص للعالم أجمع خلال الجائحة العالمية بتفشي فيروس كورونا من ثم استضافة قمة مجموعة العشرين افتراضيًا بغض النظر عن كافة الظروف والتحديات لتكون أول دولة مستضيفة للقمة افتراضيًا، وفي ذلك حس ريادي وقيادي ينبثق إلى سياقات أكثر في السياسة والاقتصاد والمجتمع والدبلوماسية وما إلى ذلك. في خضم الحديث عن النجاحات الجميلة يبرز دور الطاقات الشبابية، حيث أثبت شباب وشابات المملكة كفاءتهم وتميزهم في تحقيق الرؤية وتفعيل بنودها فامتزج الحماس مع الطموح لنصل –بإذن الله- إلى المأمول. فيما نلاحظ توجه العنصر الشبابي إلى سوق العمل بشكل أكبر في مجالات ومهن غير معتادة في السابق أو إن صح القول لم تكن متاحة وعلى وجه الخصوص للمرأة، فالعديد اتجه إلى التجارة الحرة مما جعل مالك/ة التجارة التقليدية أو الإلكترونية يشعر بالاكتفاء الذاتي، إلا أن جائحة كورونا أوقفت العديد من الأنشطة الكبيرة فما بالك بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة! فيغيب عنصر الأمان الوظيفي في التجارة، فما التوجه الأكثر أماناً؟ في هذا السياق، يعمل الكثير من الشباب في مجال المبيعات فهو مشابه للتجارة بمعنى أنه نقطة انطلاق للفرد الراغب بتعلم كل شيء عن هذا المجال لاقتحامه بالشكل الصحيح ومجاراة ومنافسة من في السوق، إذ أخبرني مشرف معرض «عبدالله بن يوسف» وهو شاب في مقتبل العمر أنه سعيد جدًا بعمله نظرًا لوجود عوامل التعلم والتطور والتقدير المستمرة، فعمدت الشركات الكبرى لتبني الشباب وتدريبهم على رأس العمل وبرواتب ومزايا جذابة وعلاوات سريعة ومكافآت شهرية، فأقل راتب 5 آلاف ويصل إلى 13 ألف تدريجياً، لذا استقطب مجال المبيعات أفواجًا من الشباب، ولكن.. في الكفة المقابلة، شهدنا ابتعاد الشباب عن التعليم العالي بعد الثانوية وعلى سبيل المثال، مشرف المعرض عبدالله الذي اتجه إلى سوق العمل الذي يوفر له التعلم المقنن عوضًا عن التعليم غير المنتهي بالتوظيف –وليس مجانياً- مخرًا، حيث عمدت أغلب الجامعات إلى إطلاق برامج مدفوعة للراغبين بالحصول على شهادات عليا بغرض التطور في وظيفته البيروقراطية والحصول على علاوة زهيدة بعد إتمام الدراسة احتمالاً، وقد تتعدد الأسباب للدارس ولكن كون التعليم العالي ليس مجانياً وصعب الاشتراطات أمر منافٍ للأساس، ففي الأساس إتاحة التعليم وموارده مدى العمر لكافة الأعمار والفئات وهذا ما لا نجده من الجامعات بتحديد الأعمار والاشتراطات الفلكية. فعقلية الشاب تدفعه للذهاب إلى المجال المهني وسوق العمل في سن مبكرة وتكوين نفسه وفتح بيت وتكوين أسرة في ذات الوقت الذي يبحث فيه حديث التخرج من الجامعة على وظيفة بـ 3 آلاف أو تدريب تعاوني. شبابنا ملئ بالطاقات وأذكياء ومدعاة للفخر حقًا، فيستحسن إعادة النظر في نطاق التعليم العالي ومدى سهولة الالتحاق به لأن العلم هو أساس تكوين الحضارة والشعوب، حيث ارتبط مفهوم النجاح اليوم بالمال والغنى، ولكن المعنى الأساس للنجاح هو الأثر! ويسعني في هذا الموطن أن استذكر مقولة أغنى رجال العالم مالك شركة «تسلا» «إيلون ماسك»: لا أرى أي فائدة من التعليم الجامعي والجامعات بشكل عام، فلا تقدم للطلبة أي فائدة تعليمية تعينهم على مسارهم المهني أو تشكل فارقاً في حصولهم على وظيفة متميزة». فإن الشاب عندما يرى مثالًا واقعيًا لتجسيد النجاح «الثراء» الذي يمكنني من امتلاك جميع المواد الاستهلاكية التي تعكس حالتي الاجتماعية وبالتالي تلقي القبول والثناء من المجتمع -وليس بالأمر الصحيح- ولكنه ما نعاصره في ظل الثورة الرقمية والعولمة وتغير معايير القبول الاجتماعي وغيرها، فالنظرة للطموح أصبحت ذات وقع سريع وقريب والغاية مغلفة بداوعِ استهلاكية.