د. حمد بن عبدالرحمن أبوحيمد
ذكر لي صديق في مجلس إدارة إحدى الشركات التي كان بها عضوا، أن الأعضاء غير قادرين على معارضة رأي رئيس مجلس الإدارة، وأن المجلس كان عبارة عن طرفين، الطرف الأول مؤيد للرئيس في جميع قراراته، والطرف الآخر كان لا يبدي رأيه خشية الانتقاد، وكأن مجلس الإدارة تحول من المركز الرئيسي لقيادة الشركة إلى مركز لتمرير المصالح الشخصية وللاعتبار وكسب المال.
وهذا أحد أسباب فشل عمل مجالس الإدارة الذي يعكس سلبا على أداء الشركة المالي والإداري على المدى القصير والبعيد.
كما ذكرت مسبقا أن هنالك عدة أركان تدعم كفاءة أداء مجالس الإدارة، هناك أيضا عدة رايات تنذر بتقصير أو فشل مجلس الإدارة في أداء مهامه على أكمل وجه ومنها:
الراية الأولى: وهي التحضير لاجتماعات المجلس، ويندرج تحت هذه الراية عدة منذرات من ضمنها قلة التحضير لاجتماعات المجلس سواء من قبل الأعضاء أو من قبل أمناء المجلس، قلة مصادر المعلومات الخارجية والاعتماد على المعلومات الداخلية للشركة، التحضير للاجتماعات يعد بمثابة «قص ولصق» لكل اجتماع، أجندة الاجتماعات تتمركز حول المسائل التشغيلية متجاهلة الصورة الكبرى لأعمال الشركة واستراتيجيتها للمستقبل.
الراية الثانية: وهي عن أسلوب النقاش في مجالس الإدارة، ويندرج تحت هذه الراية مثل توفير الوقت اللازم والكافي للمسائل الحسمية للمجلس، والتبرير الدائم للقرارات السيئة، وعدم إيجاد الوقت للتفكير أو اتخاذ القرار حول مستقبل الشركة، عدم مناقشة القضايا الصعبة والمعقدة بشكل كاف وواف، تحويل الاختلاف في المسائل المتعلقة بالشركة إلى اختلافات وصراعات شخصية وأخيراً تهميش الأصوات المعارضة.
أما الراية الثالثة فنتحدث عن ثقافة مجلس الإدارة، وتعد هذه الراية من أكثر الرايات تعقيدا في تأثيرها القريب والبعيد في المجلس خاصة وعلى حاضر ومستقبل الشركة عامة، ويندرج تحت هذه الراية المنذرات التالية: قوة الأطراف التي تعطل عمل المجلس كفريق واحد، والامتناع عن المناقشات الهادفة خوفا من الاعتراض أو التوبيخ من سلطة المجلس، عدم وجود تنظيم قواعد السلوك أو عدم تحديثها بصفة دورية، نشوب حالات تضارب المصالح، انتشار عدد كبير من الشكاوي الداخلية والخارجية سواء على الشركة أو إدارتها، إقرار وموافقة المجلس على جميع ما يقره أو يقدمه الرئيس التنفيذي دون مناقشته أو الاستفسار منه، عدم مشاركة بعض الأعضاء خلال مناقشات المجلس، منع مناقشة الأمور الصعبة أو المثيرة للجدل أو الحساسة في وقت الاجتماعات، مناقشة بعض الأمور المتعلقة بالشركة خارج أوقات المجلس ودون حضور جميع الأعضاء وأخيرا انعدام التوجيه والقيادة من مجلس الإدارة للإدارة التنفيذية للشركة. ونأتي أخيراً على الراية الرابعة وهي تفاعل مجلس الإدارة مع إدارة الشركة التنفيذية ويندرج تحت هذه الراية كون فريق الإدارة التنفيذية عدوانياً أو دفاعياً، طول مدة العرض (Presentation) المقدم من الإدارة وتقديم الإجابات من الإدارة التنفيذية بدلا من الخيارات للمجلس.
وأخيراً، إن مثل هذه الرايات تعد نذيراً لأعضاء مجلس الإدارة خاصة، ولإدارة الشركة عامة، فمما هو معلوم أن مجلس الإدارة بقراراته وأدائه هو المركز الأساسي لقيادة الشركة إما للنجاح والازدهار وإما للفشل والانحدار.