سليم السوطاني
تحدُّ من حرية العقل أشياء عدة، وتكبله بالقيود التي تمنعه من التفكير بشكل أكثر حرية، مثل سلطة الخوف من ردة فعل الآخرين على أفكاره التي يُصرح بها، فتظل تجول داخله محبوسة.
بعض العقول تكون أعلى تفكيراً ونقداً، وبعد التفكير العميق تخرج بأفكار مختلفة، حتى لو تسربلت بالغرابة بعض الشيء، وتصدر أحكاماً قريبة من درجة الإقناع، وتكون منطقية في فهم وتحليل وتقويم بعض الأحداث والمواقف.
يجب أن يعطى العقل حريته من ناحية التفكير دون قيود أو حدود، فيتأمل، ويتدبر، ويفكر، ويناقش، ويسأل... يشغل عقله بالتفكير، لكن بشرط ألا يتعجل فيصدر أحكاماً قطعية لا تقبل الرفض أو الشك في صدقها أو تكون عرضة لتوجيه النقد إلى ذلك الحكم، وبعد ذلك يجب أن يتمتع بسعة الصدر التي تلزمه مناقشة المعارض له، ومراجعة أحكامه وأفكاره في كل حين، فيأخذ من المختلف والمعارض ما يساعده في إكمال فكرته، أو تجهيز الحجج والبراهين والأدلة المنطقية للدفاع عن صحة أفكاره وإقناع الآخرين بها.
التوازن مطلب في كل شيء، وصاحب الفكر الواعي يجب عليه أن يؤمن بالاختلاف ويتقبل النقد بعيداً عن الاقصائية أو التعصب لفكرته التي صدرت، ومحاولة إثبات صدقيتها.
حلّق بأفكارك ولا تتوقف عن البحث والتفكير، وإذا عارضك أحد في أفكارك فناقشه وحاوره بأسلوب حضاري، وإذا أقنعك ببطلان الرأي أو الحكم الذي أصدرته فتراجع سريعاً عنه، والتراجع في الوقت المناسب سيرشدك إلى الطريق الصحيح والبدء من جديد بشكل سليم.
عندما تضع مساحة لنقد أفكارك، وتقبل من يعارضها، وتدخل في حوار مع المختلف والمعارض، فإنك في هذه المساحة تدرب عقلك على المراجعة لتنقيح فكرتك وتجويدها؛ بحيث تكون أكثر إقناعاً لنفسك أولاً، ثم للآخرين.
تحرر من القيود التي تفرض على عقلك، ثم انطلق في فضاء الفكر، ولا تقاتل من أجل أفكارك، فإذا كانت الفكرة صائبة فسيثبت الزمن صحتها، والعكس بالعكس، فالمهم أن يفكر الإنسان ويستغل نعمة العقل التي ميزه بها الله جل شأنه.