د.شامان حامد
بنهاية كل عام يقف بنا مودعاً بجديده الذي لا يُنسى كما انتهى بنا 2019 بكوفيد 19 ليلحقه تابعهُ المُتحور «دلتا - السلالة الجديدة التي أطلق عليها اسم « AY.4.2، في ديسمبر 2020، منتشياً بنصره بشكل كبير للغاية، حتى أضحت متوالياته الجينية (حسب منظمة الصحة العالمية) تشكل 99.5 % من قاعدة بيانات العدوى في العالم برمته، حتى أثار قلقاً عالمياً واسعاً، وسط تساؤلات حول ما إذا كان خطيراً أم لا وفق تبعاته وهل هو نهاية المطاف الذي يدحضه العلم بأن هذا التطور أمر طبيعي وواردٌ بقوة في عالم الفيروسات، ليجلب سلالات قد تكون أشد فتكاً من أصولها، مما ستؤدي إلى إرباك جهود تطويق أولها من فيروس كورونا المستجد الذي تحول إلى جائحة عالمية مثل متحور «دلتا بلاس» الفرعي في بريطانيا، يقول العلماء إن هذا الأخير أسرع انتشاراً بما بين 10 و15 %، ولهذا السبب فقد أطلق العالم هاناج على هذه السلالات الفرعية «أحفاد دلتا».
وتثار الخشية إزاء هذه المتحورات وكل التطورات الأخرى التي يعرفها الفيروس، لأنه يُمكن لتغييرات العدوى أن تؤدي إلى إضعاف اللقاحات المتوفرة حاليًا، خاصة بالمجتمعات الغربية، إلى جانب زيادة انتشار «كوفيد-19»، التي أعلنت فرنسا الموجة الخامسة بها، وأعلنت ألمانيا إما (النصر أو الموت)، وغيرهما مما قد يعج بالمجتمعات الأوروبية من أخطار مُحدقة كبريطانيا العُظمى، وكأن كوفيد قد أعلن بجوار أوروبا الرجل العجوز أنها العائل الذي يعيش عليه، ولا مفر منه كما يقول باحث علم الميكروبات السريري بجامعة كامبريدج، رافي غوبتا، «لا مفر من متحور جديد بارز خلال العامين القادمين، وربما يكون منافساً لمتحور دلتا الحالي، وأنه متأكد بنسبة تصل إلى 80 % من احتمال ظهور متحورات أكثر شراسة من كورونا في المستقبل، وهو ما يعني أن الظهور مسألة وقت فقط»... ومن التفسيرات المتداولة لهذا النوع من الاستقرار في التحور هو أن فيروس كورونا المستجد واسمه العلمي «سارز كوف 2» شهد تحورات متسارعة في البداية، فظهر «ألفا» و»دلتا»، ثم صار يتحور ببطء، ليظهر لنا من بعيد أو قريب وفق منظمة الصحة العالمية المتحوِّر (أوميكرون- 52911 بي) لفيروس (كورونا المستجد- كوفيد 19) كمتحوِّر مثير للقلق، لاحتوائه على عدد كبير من الطفرات، وأن الدلائل الأولية تشير إلى زيادة خطر الإصابة به.
وربما يستمر إلى أن تصبح العدوى مستعصية عن اللقاحات بعد سنوات عدة قد لا تكون قريباً، خاصة عندما يكون ثمة مستوى مرتفع من الإصابة بالعدوى في دولة ما، وقد تكون هناك متحورات جديدة تظهر بشكل مفاجئ أيضاً وتغير قواعد اللعبة، التي يطلق عليها الباحث في علم الجينات، فرانسو بالو، والباحثون بالانجراف أو الانحراف الجيني، ومعناه أن الفيروس يتطور بشكل تدريجي حتى يخادع الجهاز المناعي وبعدها يتسلل إلى الجسم، بعكس حالات الإنفلونزا وفيروسات أخرى من عائلة «كورونا»، التي يستغرق الأمر فيها عشرة أعوام حتى تقوم العدوى بمراكمة تغييرات كافية حتى تفلت من الأجسام المضادة في الدم، فلا تتعرف إليها.
فهل ما يحملهُ لنا الغيب وما هو قادمٌ مستقبلاً سيقلب الأمور رأساً على عقب أم سينتصر العقل الذي ميزه الرحمن عن غيره من الكائنات وسخر له ما في الكون؟