د. تنيضب الفايدي
الغضب مصدر من مصادر القلق، فالإنسان إذا يغضب ولم يستطع السيطرة على نفسه يحدث منه أمور لاتحمد عقباها، كما أن كثير الغضب تجده مصاباً بأمراض كثيرة كالسكري والضغط والقولون العصبي وغيرها، لذا فإن الإسلام حثّ على كظم الغيظ قال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} آل عمران: 134 وقال تعالى: {فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}. الشورى الآية 36- 37. وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة. قال: (لا تغضب ولك الجنة).
وعن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قلت يا رسول الله ما يمنعني من غضب الله؟ قال (لا تغضب).
وقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «وما من جرعة أحب إلي من جرعة غيظ يكظمها عبد، ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيماناً». رواه ابن ماجة.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أوصني. قال: (لا تغضب)، فردد مراراً قال: (لا تغضب).
وهناك عدة طرق لعلاج الغضب:
1 - كن معتدلاً في كل شيء، فالاعتدال في الأمور يبعد الغضب والقلق ويحقق السعادة والسرور، فلا غلو ولا جفاء ولا إفراط ولا تفريط، وديننا الحنيف دين وسط قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} البقرة الآية 143، فإذا كان الحزن الزائد مُضرَّا للصحة، فكذلك السعادة الزائدة تتسبب في الإضرار بالقلب، فالاعتدال هو الشيء الجميل في الحياة، وقد أكدت بالفعل الدراسات البحثية الحديثة التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية على 1750 مريضاً تم علاجهم بالعناية المركزة من أزمات قلبية، أن الانفعالات العاطفية الشديدة سلباً كانت أم إيجاباً يمكن أن تحدث موتاً مفاجئاً أو تتسبب في حدوث أزمات قلبية للإنسان. إن المعتدل في تعامله مع الناس يكون دائماً سعيداً؛ لأنه إذا تلقى الصدمات الاجتماعية فاعتداله قد يحميه، لذا فقد جاء: أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك وابغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون صديقك. فهذا التغير دائماً يحصل في هذه الحياة المتقلبة وفي العلاقات الاجتماعية، فالاعتدال مثل هذه الحالات هو الشيء الوحيد الذي يخرجك من دائرة الغضب والقلق والاكتئاب.
2 - الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فصلت الآية 36. وعن سليمان بن صرد -رضي الله عنه- قال: كنت جالساً مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ورجلان يستبان، فأحدهما أحمر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان، ذهب عنه ما يجد). رواه البخاري.
3 - السكوت: فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (... وإذا غضب أحدكم فليسكت). قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-: «وهذا أيضاً دواء عظيم للغضب؛ لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيراً من السباب وغيره مما يعظم ضرره، فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده.
4 - تغيير الحال: بمعنى إذا هو جالس في حالة غضبه فليقم وكذلك العكس، فعن أبى ذر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع). رواه أبو داود.
5 - إزالة ما يسبب الغضب، فإن إزالته يسبب تحصيل السرور.
من كتاب مقومات السعادة للدكتور تنيضب الفايدي