علي الخزيم
حددوا يوم 19 نوفمبر يوماً عالمياً سنوياً للرجل تقديراً لجهوده وتضحياته المُفترضة تجاه الأسرة والمجتمع، وعمله الدؤوب المنتظر للبناء والتنمية الوطنية، وأنه المؤهل جسمانياً للدفاع عن حمى الأوطان وتحمُّله المشاق أكثر من المرأة لا سيما بهذا المجال القتالي لامتلاكه عناصر الصلابة والمواجهة، ويعجبني بالعنوان كلمة الرجل! فلم يقولوا (الذَّكر)؛ وهذا للتأكيد على أن المقصود التمييز بين من يتحلى بصفة الرجولة بما تحمله من معان كثيرة، وبين ذكر لا يتصف سوى بالفحولة والتباهي بالتهام كميات من الطعام وبناء جسمه وفتل عضلاته ليبدو بهياً جسيماً بين أقرانه، لكنه ينسى بناء عقله وفكره وتنمية مداركه ليكون عضواً اجتماعياً وأسرياً فاعلاً مؤثراً، فهذه الفروق تُفسِّر معنى أن يكون الإنسان رجلاً لامعاً بمجتمعه وبلاده؛ أو ذكراً تهمه مَلذاته ومظهره؛ لا يُعرف له أي دور لخدمة أسرته ومجتمعه ووطنه، فهل يكون مثل هذا بعداد من يُحتفى بهم خلال (اليوم العالمي للرجل)؟!
ويهدف هذا الاحتفاء العالمي لتعزيز الوعي بقضايا الرجال وتقديم النماذج الإيجابية منهم وإبراز إبداعاتهم وأفكارهم الخلاقة، وتسليط الأضواء على كل إنجاز للرجال النابهين بكل مجال يخدم البشرية على وجه الأرض، وإشهار الرجال ممن لهم أدوار مشهودة لنشر الوعي الإيجابي حول القضايا التي تهم الرجل على الصعيد العالمي، وتركز الاحتفالية السنوية على ما يعزز صحة الرجال ويرتقي بهممهم ويُنقِّي نفوسهم من القلق لجعل العالم بقدر الممكن أفضل وأكثر أماناً وتقدماً، فعلى الرجال مكتملي الرجولة تُبنى الأوطان وتَسعَد الشعوب، ويكون العالم أبهى وأقوى بوجود المرأة الناضجة العاملة المُخلِصة بجانب الرجل لرفعة الوطن وأجياله المقبلة.
وإن أفضت بالحديث عن يوم الرجل فإن ذِكْره وصيته عبر العالم لا يتجاوز صدى يوم المرأة العالمي؛ وهذا برأيي لأن النساء أكثر شغفاً بالمتابعة والتفاعل مع الاحتفالية بيومها الدولي مما يزيده بريقاً وشمولية عند الجنس اللطيف، في حين أن الرجل يكون مشغولاً بإنجاز ما لا يناسب طبيعة المرأة، إذاً لا بأس بهذا التكامل بين الجنسين مهما تباينت أصداء أيامهما بين الضجيج اللطيف والهدوء الرزين، ويتصدى أحد علماء الاجتماع العرب ليؤكد بأن المرأة العربية بشكل عام تتمتع بمكانة أفضل مما كان سابقاً وإن كانت دوماً محل التقدير والاحترام، ويستذكر العديد من المصطلحات المتداولة بالعالم العربي التي تعكس ما تتمتع به (نبع الحنان، وست البيت، وست الكل، وشمعة الدار) من احترام وتقدير ومكانة للمرأة العربية شقيقة الرجال، لكن يدور حديث حول نسبة أعداد الرجال إلى النساء؟ فمنظمة (هيومن رايتس ووتش) الأممية تقول بأحد ايضاحاتها أن أكبر دولتين بالعالم من حيث عدد السكان (الصين والهند) تحتاجان إلى نحو 80 مليون امرأة لسد النقص وإحداث التوازن مع الذكور، وبيَّنت أنه ببعض مناطق الصين والهند 120 رجلاً لكل 100 امرأة، ووفقاً لتقديرات شعبة السكان بالأمم المتحدة بلغ عدد سكان العالم 7.9 مليار نسمة بداية يوليو 2021، وتُقدر أن التعداد السكاني عام 2050 سيبلغ 9.9 مليار إنسان، (فكم سيكون عدد الرجال بين الذكور)؟!