عبده الأسمري
اتخذ من «المهارة» عوناً حصد به «النجومية» في سماء «الإعلام» واستلهم من «الموهبة» كياناً نال منه «الاحترافية» في آفاق «المهام»..
نهل من موطن «الإخلاص» وانتهل من معين «الكفاح» فكان وجهاً للأداء الإذاعي ووجيهاً في العطاء الإبداعي.. موزعاً «غنائم» التوجيه على تلامذته حاصداً «مغانم» الوجاهة من داعميه..
امتلك الصوت «الفاخر» بالسداد فكان «كبير» المذيعين وخبير الإذاعيين الذي ترك «الصدى» الزاخر بالانفراد يدوي في «أرجاء» الذاكرة العاطرة بالأصالة والباهرة بالجزالة.. مفردة ولغة وتشكيلاً وإنتاجاً..
إنه المذيع الشهير عوني كنانة رحمه الله أحد أبرز المذيعين والإعلاميين الكبار في التلفزيون السعودي والفضاء الخليجي.
بوجه وقور تعلوه علامات «الصرامة»، وتسكنه صفات «الشهامة»، وتتقاطر منه صفات «الجد»، وتتوارد وسطه ومضات «الود»، وطلة باهية زاهية تتخذ من «الفضاء» خلفية للحضور ومن «الإمضاء» مقدمة للظهور مع مطامح أنيقة في القول ومتأنقة في الحديث وأناقة فاخرة تعتمر «الأزياء» الوطنية الملونة، وصوت «شجي» خليط بين لحن «الإعداد» ومتن «التقديم»، وشخصية ملأت «شاشة» التلفاز ببشاشة «الإنجاز» قضى كنانة من عمره سنين وهو يرسم «مشاهد» الامتياز، ويكتب «عناوين» التميز، ويهدي «بشائر» العطاء مذيعاً لامعاً ذائع الصيت بديع الصوت كريم الخلق نبيل التعامل طيب الذكر ولطيف المعشر.
في مدينة «يافا» بفلسطين ولد عام 1932 وتفتحت عيناه على أسرة مكافحة نحو «الرزق» ومنافحة عن «الحق»، وتفتحت عيناه على مواطن «الرجولة» ومنابع «البطولة» في اتجاهات «الذود» وأبعاد «الصمود» في الضفة الغربية والقدس ونابلس. وفي عام 1948 انتقل إلى «قاهرة» المعز وأمضى فيها عامين قبل أن يهاجر عام 1950 إلى السعودية حاملاً حقيبة سفر مليئة بالذكريات وتركيبة تربية مكتظة بالمحطات.
وصل كنانة وأسرته إلى رياض العز وفي ذاكرته «أحلام الطفولة»، وفي وجدانه «حماس الدراسة»، وفي يمناه تلويحة السرور، وعلى محياه ابتسامة «الرضا» حيث ولى بوصلة «أحلامه» شطر «الشفاعة»، ووجه قبلته قبالة «الاستخارة» فجاءت «التوصية» من علية القوم وسلالة العون حيث ساعده وأعانه الملك سلمان حفظه الله والأمير نايف رحمه الله في حينها وأتم دراسته «الثانوية» وتخرج منها بتفوق ثم التحق بجامعة الملك سعود ونال منها درجة البكالوريوس في الجغرافيا بامتياز، ثم اتجه للعمل في وزارة المعارف آنذاك لمدة عشر سنوات في قطاع التدريس، ثم انتقل بعدها إلى المعهد الفني الملكي في وظيفة إدارية، ثم التحق بالإذاعة متعاوناً، وانتقل للعمل مذيعاً في نشرة الأخبار بالتلفزيون السعودي وظل فيه لسنوات.
سبر كنانة «أغوار» النباغة، واجتاز «أسوار البلاغة» بلغة فصيحة، ونبرة حصيفة، قوامها «التمكن»، ومقامها «التمكين» ليكون رائداً من «رواد» الشأن الإعلامي وسيداً من سادة «المشهد التلفزيوني».
تتلمذ على يديه العديد من «تلامذة» التقديم، وتخرج من مدرسته المديد من «طلبة» الإعداد بعد أن أعطاهم «سر» المهنة في بدايات الطريق، ووقف ليوزع عليهم «شهادات» الاحتفاء في نهاية الدرب.
امتلك كنانة ميزة «التواضع»، وجنى ثمرة «اللطف»، واستعان بملكة «الإيثار» فكان «القائم» على «كتيبة» الإنتاج، و»المقيم» في «ثكنة» التجهيز ليأتي «المنتج» زاخراً بالمعاني، وفاخراً بالتفاني.
أعد كنانة «خلطة» سرية، وجهز خطة «جهرية» دوت في مسارات «النشرات»، ونطقت في محافل «المنصات» ليكون «الفائز» المتوج في إبداعات «الفترة» الذهبية التي كان فيها «التلفزيون» السعودي أكاديمية إعلامية في البرامج، وجامعة معرفية في الأحداث.
اعتمر صوت كنانة «الأذان»، وسكن «الوجدان» بتوليفة سحرية، جادت بها «نغمته» الباهرة ولكنته «المبهرة التي تعزف على «لحن» الهدوء ثم تتغني بفن «الإلقاء» لتتشكل غيوم «المهنية» ممطرة «صيباً» نافعاً من «اللذة» الصوتية ونصياً وافراً من «المتعة» اللغوية لتغمر «الذائقة» الإنسانية بكل مقومات «التفوق» وشتى مقامات «التميز».
ظل كنانة يرتب مواعيد «المساء» في حلل من الأداء «المرئي» ودرر من العطاء «الصوتي» جاءت لتعلن «الوفاء» العميق للمهنة والاستيفاء الأعمق للمهمة حتى ظلت طلته في حيز «التشويق» وفي متن «الانتظار» لينتهي المشهد بمحفل «مشهود» يبتهج به المشاهدون ويتباهي به المستمعون.
انتقل كنانة إلى رحمة الله يوم الأحد 11 ذي الحجة 1422هـ الموافق 24 فبراير 2002 بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجئة عن عمر ناهز 70 عاماً، وتمت الصلاة عليه في جامع الراجحي بالربوة ودفن في مقابر النسيم بشرق الرياض. وارتبط مراسم عزاه بحضور مفاجئ من الملك سلمان حينما تفاجأت أسرة الراحل باتصال من مكتبه يطلب فيه عنوان المنزل ليكون أول المعزين في لفتة «قائد» ووقفة «إنسان» وبصمة «داعم».
عوني كنانة المذيع البديع الاسم اللامع والرمز الذائع الذي سجل سيرته في متون «الأثر» وأبقى مسيرته في شؤون «التأثير».