عبدالرحمن الحبيب
«إذا كان عام 2021 هو العام الذي قلب فيه العالم النتيجة ضد الوباء، فسيهيمن على عام 2022 الحاجة إلى التكيف مع الحقائق الجديدة في كلا الاتجاهين التي أعادت الأزمة تشكيلهما (عالم العمل الجديد، مستقبل السياحة) وكذلك الاتجاهات الأعمق التي تؤكد مجدداً وجودها (صعود الصين، تسارع تغير المناخ)». هذا ما قاله توم ستاندج، متأملاً العالم لعام 2022.
ستاندج يرأس فريق من الباحثين حرر لمجلة إيكونيميست، إصدارها السنوي الخاص الذي يستشرف المستقبل من خلال نظرة سنوية على المواضيع والاتجاهات المهمة التي ستشكل العام المقبل، في مرحلة يصعب فيها التوقعات بسبب التفاعلات بين جائحة كورونا، والانتعاش الاقتصادي غير المتكافئ، والجغرافيا السياسية المنقسمة. تم وضع عشرة اتجاهات رئيسية ينبغي مراقبتها في العام المقبل، على أمل أن تساعدك هذه التوقعات في تحسين احتمالاتك أثناء التنقل بين المجازفة والفرص المستقبلية؛ وهنا خلاصتها.
الديمقراطية مقابل الأوتوقراطية: الانتخابات النصفية الأمريكية ومؤتمر الحزب الشيوعي الصيني سيتناقضان بوضوح خلال تنافسهما في النظم السياسية. أيهما أفضل في تحقيق الاستقرار والنمو والابتكار؟ سوف يستمر هذا التنافس في كل شيء من التجارة إلى اللوائح التقنية والتطعيمات إلى المحطات الفضائية. بينما يحاول الرئيس جو بايدن حشد العالم الحر تحت راية الديمقراطية، فإن دولته المنقسمة المختلة وظيفياً هي دعاية سيئة لمزاياها.
من جائحة إلى مرض مستوطن: تحسنت العلاجات لمواجهة الوباء وظهرت طرق جديدة (أقراص) مضادة للفيروسات.. كما تحسنت فرص الذين تلقوا لقاحات ولم يعد الفيروس مهدداً لحياتهم، لكنه سيظل خطراً مميتاً في العالم النامي ما لم تكثف كميات اللقاح هناك لكيلا يتحول كورونا إلى مرض مستوطن يصيب الفقراء دون الأغنياء.
مخاوف التضخم: أدت اضطرابات سلسلة التوريد والارتفاع الحاد في الطلب على الطاقة إلى ارتفاع الأسعار، ورغم أن محافظي البنوك المركزية يقولون إن هذه الحالة ستكون مؤقتة، لكن ليس الجميع يصدقونهم. أما مستقبل العمل. فثمة إجماع بأن الحالة القادمة ستكون خليطاً بين العمل في المنزل والعمل الحضوري، لكن الخلاف حول تفاصيل ذلك، مثل عدد الأيام الحضورية في الأسبوع؛ كما ستظهر نقاشات متصلة بقضايا الضرائب وطرق مراقبة الموظفين عن بعد.
هجمة مرتدة جديدة ضد عمالقة التكنولوجيا: كان المنظمون في أميركا وأوروبا يعملون أو يحاولون السيطرة على احتكار شركات التكنولوجيا العملاقة وكبح جماحها، لكنهم لم يحدثوا أثراً يذكر. إلا أن الصين، الآن، أخذت الصين زمام المبادرة، وشنت حملة شرسة على شركات التكنولوجيا لديها. ويريد الرئيس شي جين بينغ منها التركيز على «التكنولوجيا العميقة» التي توفر للبلد ميزة جيواستراتيجية، وليس على المسائل السطحية مثل الألعاب والتسوق. ولكن، هل سيؤدي ذلك إلى تعزيز الابتكار الصيني، أم أنه سيخنق دينامية الصناعة؟
العملات المشفّرة تنمو: مثل كل التقنيات التخريبية، يتم تدجين العملات المشفرة حيث يقوم المنظمون بتشديد القواعد. كما أن البنوك المركزية تتطلع إلى إطلاق عملاتها الرقمية المركزية الخاصة. نتيجة ذلك معركة ثلاثية من أجل مستقبل التمويل بين حشد العملات المشفرة اللامركزية المعتمدة على «بلوكتشين»، وشركات التكنولوجيا التقليدية، والبنوك المركزية.. هذه المعركة ستشتد في عام 2022.
أزمة المناخ: رغم زيادة معدلات حرائق الغابات وموجات الحر والفيضانات، فلا يزال هناك نقص حاد في صنع السياسات المتعلقة بمعالجة تغير المناخ. إضافة إلى ذلك فإن تخفيف الانبعاثات الكربونية تتطلب التعاون بين الغرب والصين في حين أن التنافس الجيوسياسي بينهما يزداد.
متاعب السياحة: انتعش النشاط السياحي مع عودة فتح الاقتصادات، إلا أن الدول التي اتبعت إستراتيجية صارمة للخلو من كورونا، مثل أستراليا ونيوزيلندا، ستواجه المهمة الصعبة المتمثلة في إدارة الانتقال إلى عالم يكون فيه الفيروس متوطناً. بالنسبة لرحلات العمل فقد اختفى ما يصل إلى نصفها إلى الأبد. هذا أمر جيد لصحة كوكب الأرض، لكنه سيئ للسياحة إذ كانت تكلفة الرحلات تتلقى الدعم من مسافري درجة الأعمال الذين ينفقون مبالغ كبيرة.
سباقات الفضاء: ستكون السنة المقبلة هي الأولى التي ينتقل فيها عدد أكبر من الأشخاص إلى الفضاء كركاب يدفعون أجورًا، حيث تنقلهم شركات السياحة الفضائية المتنافسة. وسوف تنهي الصين إنشاء محطتها الفضائية الجديدة، ويتنافس صانعو الأفلام على إخراج الأفلام في حالة انعدام الوزن. وستقوم وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بصدم مسبار فضائي بكويكب، في مهمة واقعية تبدو مثل أفلام هوليوود.
منافسات كرة قدم سياسية: ستكون دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين وكأس العالم لكرة القدم في قطر بمثابة تذكير بقدرة الرياضة على أن تجمع العالم معاً، ولكن أيضًا هذه الأحداث الرياضية الكبيرة غالبًا ما ينتهي بها المطاف إلى أن تكون منافسات كرة سياسية.
ليس كل شيء كئيبًا؛ فقد شكل التطور السريع للقاحات فيروس كورونا المستجد القائمة على تقنية «مرسال الحمض النووي الريبوزي» نقطة مضيئة في عام 2021، وقد استند هذا التطور إلى عقود من العمل الذي ظهر وكأنه تحقق بين عشية وضحاها.. وثمة تقنيات ناشئة أخرى قد تكون على وشك الظهور، وهو ما يضعنا في حال أفضل للتقدم نحو المستقبل، أو كما وضعت المجلة عنوان لإصدار جديد آخر «العالم إلى الأمام».