عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
إذا غاب الأمن غابت الحياة والاستقرار ومعها البهجة والسرور، وسيطرت الهموم والأحزان وانتشرت الأمراض والأوبئة والجوع والفقر المدقع، هذا هو حال بعض أقاليم إثيوبيا.
إن الحياة نفسها لا قيمة لها، ولا معنى لها، مع الفزع والرعب والفوضى وغياب الأمن والأمان. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها.. وقد بدأ صلى الله عليه وسلم الحديث بالأمن.. فهو كل شيء وهو عماد كل الأمور ورأسها.. وعندما ينعم الإنسان بالأمن تتحقق له عافية البدن.
إذ إن الأصل في الحياة هو السلام، والبحث عن أسباب الأمن والاستقرار والرخاء، والبعد عن كل ما يؤدي للخراب والحروب والدمار، وتدمير القوى، وتبديد الخيرات.
إن ما يحدث في إثيوبيا وغياب الاستقرار يعطينا ما لا نتوقع ويرسم لنا سيناريو لا نعرف بدايته ولا أحداثه ولا نهايته ولا شخوصه، بل من المؤكد منه ضياع الوطن والمواطنين والمقيمين في البلاد.
منذ اندلاع القتال قبل عام بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي كانت تهيمن على الحياة السياسية في إثيوبيا، وبين الحكومة الإثيوبية برئاسة آبي أحمد تعيش أقاليم إثيوبيا ولاسيما إقليم تيغراي أوضاعاً معيشية مأساوية صعبة، ويعتقد أن نحو 400 ألف من سكان إقليم تيغراي الشمالي يعيشون في ظروف مجاعة وفقر مدقع ولم يصلهم سوى القليل جدا من المساعدات على مدى شهور، وتم رصد انتشار الجوع على نطاق واسع كذلك في إقليمي أمهرة وعفر.
وتتهم جبهة تحرير تيغراي الحكومة بمحاولة ممارسة مركزية السلطة على حساب الأقاليم الإثيوبية، فيما تتهم الحكومة الجبهة بالسعي لاستعادة هيمنتها على البلاد.
ورغم أن القوات الحكومية حققت تقدما في بداية النزاع، إلا أن الأمور انقلبت لصالح مسلحي جبهة تحرير تيغراي في الأشهر الأخيرة، حيث يتقدمون حاليا صوب العاصمة أديس أبابا.
وأعلنت الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ على مستوى البلاد في وقت سابق من هذا الشهر وأمرت سكان أديس أبابا بالاستعداد للدفاع عن أحيائهم وسط مخاوف من تقدم المسلحين من منطقة تيغراي الشمالية إلى العاصمة.
وتريد جبهة تحرير تيغراي تنحي رئيس الوزراء آبي أحمد من الحكومة والسماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى الإقليم الشمالي، وأكدت علانية أنها ستزحف نحو العاصمة أديس أبابا، لكن الأخيرة تريد انسحاب مسلحي الجبهة من المناطق الواقعة خارج إقليمهم لكي توقع على وقف إطلاق النار.
وقال مبعوث الاتحاد الإفريقي إلى القرن الإفريقي، أولوسيجون أوباسانجو، إن المحادثات في إثيوبيا لن تكون مُثمرة، ما لم يُوقع الطرفان اتفاقا لوقف إطلاق النار فورا.
وسبق أن أكد المبعوث الأمريكي الخاص جيفري فيلتمان على قلق الولايات المتحدة البالغ من تصعيد الصراع وخطر العنف بين الطوائف في إثيوبيا، مشجعا جميع الأطراف على الانخراط في حوار بشأن وقف الأعمال العدائية.
جدير بالذكر أن واشنطن من بين أشد المنتقدين للنزاع في ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان الذي أودى بالآلاف ودفع بمئات الآلاف إلى المجاعة.