د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
حضور فاخر للمرأة السعودية وهي شريك فاعل في التنمية الوطنية؛ وهي عين ثانية بصيرة نحو حيازة بطاقات الحصاد والانجاز؛ وهي تعلن استحقاقها لقيادة النهوض الوطني الحاضر والمرتقب، وهي تصعدُ نحو الحضور المجتمعي الغزير، وكل تظاهرة وطنية عن المرأة السعودية هي إعلان عن المكانة ومؤكدات التمكين.
ومن شواهدنا ما تم في الأسبوع الماضي في يومين أضاءتْ ما حولهما حين حلَّ مؤتمر فاخر تشكَّل متينا؛ واحتوى وفيرا في أروقة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي وسِمَ بـ»مؤتمر تمكين المرأة ودورها التنموي في عهد الملك سلمان» فتجلّى في المؤتمر حضورٌ فاعل ولافت للنساء في كل قطاعات الدولة من الوزارات والهيئات التي تقود النساء بعض مفاصل العمل بها، وتجلّتْ في مشاهد المؤتمر أوراق عمل وبحوث، وجلسات حوارية ملأى بالإعلام عن واقع المرأة السعودية المجزي حالياً، وخلال فقرةً التكريم بدتْ النساء كواكب تسير عبر أفلاك التنمية لتعلن وجودا مثمرا للمرأة السعودية نال ثقة الوطن بقيادة الملك سلمان وسمو ولي عهده حفظهما الله، وفي المؤتمر تَقاطَرتْ الطروحات في شأن المرأة في بلادنا، واعتلتْ منصات القول في رواقها المحلي، ودار الحديث في مشارب شتى عن المكانة والتمكين، ومستوى التعزيز، وواقع المرأة السعودية في معامل التقييم الذي نتج عنه مؤشرات موثوقة قابلنا بها حِجاج العالم نحونا، فقد أشرقتْ المرأة السعودية عالميا في بيئات وقفتْ لها احتراماً عندما حلّقن من بوابات عديدة (الدبلوماسبة والابتعاث في التعليم العالي والمشاركات الدولية المنبرية والفكرية في العلوم والفنون والآداب)؛ وفِي الشأن النسائي في بلادنا حضرتْ منصات خلاّقة؛ وكانت خريطة الدروب النسائية واضحة المعالم تتناثر فيها مقومات التمكين النهضوي الذي جعل المرأة تحمل أدوات العبور وتُحسنُ السير بانسيابية، حيث كان التعليم وانتشاره كوة ضوء عميقة حملتْ البدايات للمرأة السعودية ومن ثَمّ السريعة القافزة، ورسم التعليم طروس الوعي؛ فاستطاعت نساؤنا باقتدار تحويل القيم الإسلامية إلى قيمة عليا تُصاغ وتفعل؛ ومهدت البوابات لدخول العصر الحديث في كل متكأ تحتاج إليه النساء، واتسعتْ النطاقات التي تعمل فيها المرأة؛ وتكوّنتْ منصات مهنية ذكية ظهرت كنواة لصناعة مستقبل مختلف، ودفعت السياسة الحكيمة المرأة السعودية نحو تكريس مفهوم المشاركة الوطنية، وانبثقتْ عن ذلك المفهوم قدرات نسائية تمكنت من اصطياد اللحظات الملأى؛ واقتناص فرص الوطن التي استحدثتها الدولة لتصب منافعها في ساحات النساء؛ فدخلت المرأة السعودية إلى مجلس الشورى وجالت في مضمار القيادات العليا في الدولة؛ وتربعت على المنابر الخارجية والمنظمات الدولية لتتحدث عن مضمارنا الخصيب وتعرض أوراقنا البيضاء التي تفكك ثورات الكوك أمام العالم الناهض وتنبئ عما توافر في بلادنا من قرارات التمكين وقواعد انطلاقة النساء نحو حقول الحصاد؛ ودخلت المرأة بوابات الوزارات الخدمية والتنظيمية ومؤسسات المجتمع المدني في الدولة لتسهم في أشكال النشاط المعرفي والاقتصادي والسياسي والصحي والرياضي؛ واستمرت شامخة باسقة في أدوارها من منظور شرعي يحفظ لها حقوقها وطبيعتها وجلبت لها بلادنا وقيادتنا مساحات شاسعة للفعل والتجربة والتطوير حتى بدا حراك المرأة السعودية الوطني التنموي وهو يغادر الأدوار التقليدية، وتقدمت المرأة لتسهم بواجهات براقة في ترقية واقع مشاركة السيدات في صناعة القرار التنموي الذي أوقدت له منصات الترحيب وعقدت له حلقات النقاش.
وتبقى العقول النسائية السعودية تنسكبُ منها المزن ويورق منها ما يُشكّلُ حياة المجتمعات السعودية النامية وتضمرُ للغد صحائف ملأى برونق الحضارة التي امتدت وتطورت في عهودنا الوارفة المتوالية؛ وتلك المضامين حواها مؤتمر تمكين المرأة في تكشيف كثيف من الطروحات، ويُحمد لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إقامة تلك التظاهرة الوطنية من خلال مؤتمر تمكين المرأة ودورها التنموي في عهد الملك سلمان، وما صاحبه من عروض ومعارض؛ والذي نأمل أن يعقد كل عام لرصد ما استحدث للمرأة من منصات الترقي وما أنجزته نساء بلادنا في آفاق المحلية والعالمية، والمؤتمر راصد أمين ووثيقة وطنية تكتب بماء الذهب إذا ما تم تقييم المنجز سنويا ولعل الطروحات والبحوث تكون أقل عددا وأكثر تركيزا؛ وأن يُبرز الابتكار العلمي عند المرأة السعودية كمنصة تنمية وطنية أكيدة، وأن تكون الحوارات المفتوحة أوتادا يتكئ عليها في سياق المؤتمر ومكوناته، ففيها فوائد ممتدة؛ كما ونأمل أن تعي بعض القطاعات التي طرحت جهودها في مجالات تمكين المرأة أن الهدف الأسمى هو الاندماج الهيكلي والتنظيمي من أجل تحقيق المشاركة الحقيقة للرجل والمرأة في التنمية الوطنية وليس فصل الهياكل التنظيمية والوكالات والمرجعيات في عمومها فإن ذلك يؤدي إلى ترهل الهياكل وعجزها عن حمل المهام فتتقاصر النتائج وتخبو الأهداف وتتباين التوجيهات.
وختاماً فإن النساء السعوديات في عهد الملك سلمان يحفظه الله أفراسٌ تسابقن بذكاء وقدرة ليصلن بتوفيق الله إلى ما وراء الوراء بشموخ وسلام.