حمّاد بن حامد السالمي
* كنت أظن أني وحدي من تمنى أن تظل أزمات الإخوان بينهم فلا تنفرج: (https://www.al-jazirah.com/2021/20211031/ar2.htm )؛ حتى تابعت وقرأت من الإخوان أنفسهم ما هو أقوى وأشد من هذا التمني. إنه دعاء وتضرع إلى الله عز وجل، من قيادي في الجماعة هو (أحمد شوشة) الذي قال: (أدعو الله بأن تأتي ساحقة ماحقة تأخذهم وتخلصنا منهم)..! وأنا أقول- وكل من يعرف حقيقة الإخوان وتأذى بفسادهم وفتنهم التي عمّت الأوطان والمجتمعات- اللهم آمين. عسى أن يخلصنا الله منكم جميعًا الداعي والمدعو عليهم، فكلكم في الشر شرّ.
* من الواضح؛ أن خلافات قيادات الإخوان الشديدة؛ التي ظهرت مؤخرًا على السطح بين اسطنبول وباريس ولندن وغيرها من العواصم العربية والأجنبية؛ تعدت التهالك على الكراسي- كما هي عادتهم- ووصلت إلى الأرصدة المالية في البنوك الدُّولية. فمع إشراقة كل يوم جديد؛ تزداد وتتوسع الانقسامات داخل جماعة الإخوان، بسبب الأموال الضخمة التي تغص بها حسابات الجماعة، وباتت الجماعة في طريقها للانشقاق الكبير رسميًا، ليعد الأكبر في تاريخها؛ بعد انشقاقات الأربعينيات من القرن الفارط. فخلال الأيام القليلة الفارطة؛ حدثت تطورات كبيرة، كشفت عن توجه التنظيم نحو الانشقاق رسميًا إلى جبهتين، ولكل جبهة موقع رسمي ومنصات إعلامية، الأولى جبهة محمود حسين، ومعه قيادات مجلس الشورى العام، ومقرها اسطنبول في تركيا، والثانية جبهة إبراهيم منير، ومعه أعضاء التنظيم الدولي، وتتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها، ومما يؤكد تعمق الانقسامات بين الإخوان، ظهور موقع جديد لجبهة منير، وأعلنت جبهة اسطنبول قبل عدة أيام؛ أن جماعة الإخوان يمثلها مجلس الشورى العام، والذي يقوم باتخاذ الإجراءات المتممة للقرارات الخاصة بخلو موقع نائب المرشد والقائم بعمله، مشددة على أنها غير معنية بأي قرارات أو إجراءات تخالف ذلك، فيما أصدرت جبهة منير؛ قرارات عنيفة، بفصل وتجميد وتهميش وعزل وسحب صلاحيات ومسؤوليات 51 قياديًا من الموالين لجبهة محمود حسين، والمسؤولين عن عناصر وشركات واستثمارات الإخوان في تركيا، كما أقدم التنظيم الدولي؛ على إطلاق منصة بديلة للموقع الرسمي الواقع تحت سيطرة محمود حسين، ويجهز لإطلاق منصات أخرى بنفس أسماء منصات جبهة اسطنبول.
* نشهد اليوم؛ سلسلة من الصراعات بين الجبهتين المتصارعتين، قد تنتهي بالجماعة لفصيلين رسميًا، وهذه التصدعات والانشقاقات بين قياداتها وفصائلها ليس أمرًا جديدًا، فهو جزء من تاريخها منذ الثلاثينيات من القرن الفارط. ففي نهاية الثلاثينيات؛ أعلنت مجموعة من شباب الجماعة وقتها انفصالهم عن التنظيم، وأطلقوا على أنفسهم (شباب محمد)، بقيادة المحامي محمد عطية خميس، تلاه انشقاق آخر كبير وقع في عام 1945م، إثر تورط عبدالحكيم عابدين صهر حسن البنا مؤسس الجماعة في فضائح جنسية، وكان أبرز المنفصلين؛ أحمد السكرى شريك البنا في تأسيس التنظيم، والذي انفصل عن الجماعة بعد رفض البنا معاقبة زوج شقيقته، وكان هذا الانشقاق هو الأكثر قوة وتأثيرًا لخروج قيادات بارزة من الجماعة. كما شهدت الجماعة في الخمسينيات؛ انشقاقًا آخر، عندما انفصل قائد التنظيم السري عبدالرحمن السندي، وعدد من كبار مساعديه، ثم حدث انشقاق آخر في التسعينيات، حيث انشق 100 شخص بقيادة محمد رشدي. ثم قررت الجماعة فصل عدد كبير من قياداتها خلال السنوات الأخيرة، مثل عبدالمنعم أبو الفتوح، لترشحه للرئاسة ضد مرشح الجماعة محمد مرسي، وأبو العلا ماضي؛ لتأسيسه حزب الوسط، ومحمد حبيب نائب المرشد، وإبراهيم الزعفراني وغيرهم.
* وهكذا.. يحلو لنا أن نتفرج دون أن نبيع أو نشتري منهم في سوق نخاستهم ونجاستهم. على طريقة المثل القائل: (اللي ما يشتري يتفرج)..! فما يجري بين قيادات حزب الإخوان اليوم؛ يشبه ما قيل: إن رادحة وجهت إهانات إلى خصمها لكي تفضحه وتجعله (فرجة للناس)، كالبضاعة المعروضة على الملأ لمن يرغب في الشراء، ولمن يكتفي فقط بالمشاهدة.
* أعجبت بقصيدة كتبها ونشرها الشاعر (سلطان السبهان)؛ هجا فيها جماعة الإخوان، فحذر من ضلالاتهم، وانتقد بِدَعهم، وعرّض بمن اغتر بهم هنا وهناك؛ فقال هذه الأبيات من قصيدة أطول:
أرى قومي تردوا في سحيق
وبالشبهات بين الناس طاروا
كتابات الحُثال منتهاهم
وكتب المغرضين لهم منار
دعاة للضلالة ليس فيهم
تجاه النص ذل وانكسار
عليهم إن نصحت لهم بلطف
من النكران مد وانحسار
يجرُّون النصوص على هواهم
وإن ناقشتهم في العلم حاروا
وقد نشأت جماعات انحراف
وفي راياتها بدع تُثار
أحاطت بالجزيرة واحتوتها
كما قد حوّط الأيدي السوار
عرفنا من طريقتهم أصولاً
فما يخفيهمُ عنا استتار
ألا يا سائلي عنهم فإني
عرفت مسارهم بئس المسار
هم الإخوان خابوا حيث كانوا
و لو أخفى معالمهم غبار
هم الإخوان لا سُقيتْ قراهم
فليت بلادهم أرضٌ بوار
هم الإخوان خابوا حيث كانوا
وللإخوان لا قرّ القرار
لهم في كل منقصةٍ أيادٍ
وأيديهمْ عن الحسنى قصار
يريدون السياسة دون وعي
فيا لله.. كم ظلموا وجاروا
يسبُّون الولاة وذاك رمزٌ
لشخص في عقيدته انشطار
فهل هلك الخوارج قبل ردح
من الأزمان إلا حين ثاروا ..؟