النماص - خاص بـ«الجزيرة»:
أكدت متخصصة في الشأن الاجتماعي والأسري أن مشاكل الطلاق زادت بشكل كبير، وزاد عمقاً وضرباً للمجتمع في الفترة الأخيرة، وما نراه ونسمع عنه من وجود حالات طلاق موجعة ومحيرة أحياناً بعضها علاقات ناجحة لسنوات وانهارت، والنسبة العالية في طلاق حديثي الزواج حيث وجد أن نسبة تتراوح بين 70 - 80 في المئة من حالات الطلاق تحصل في الأشهر الثلاث الأولى من الزواج، بينما 30 - 35 في المئة تحصل في الثلاث سنوات الأولى، وهذا مؤشر يدل على قلة الوعي والإدراك لكيفية بناء الأسرة، وأن التجانس والتوافق يحتاج للمعاشرة والتعود، وهذا يحصل مع الوقت والصبر.
وقالت الأستاذة عالية بنت عوض الشهري في محاضرة لها بعنوان: «الطلاق وخطره على الأسرة» نظمتها جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بتندحة، قالت إن الأسرة مع الأسف الشديد تواجه وسائل هدم متعددة الطرق والأساليب؛ فنجد الكثير من الرسائل تحض على الزهد في بناء الأسرة وإنشاء المؤسسة الزوجية وتشويهها في نفوس الشباب والفتيات وأن الزواج يحطم الطموح ويهدم الأحلام وغيره من الأساليب الخبيثة التي تمنع تكوين الأسرة، ثم بعد بناء هذه الأسرة تهدف لإضعافها بنشر فكرة تأخير موضوع الإنجاب وتقليص عدد الأطفال بما يتنافى مع الفطرة الذين هم زينة الحياة الدنيا، ثم إذا حصلت المشكلات نجد مؤسسة الزواج تصطدم بجاهل من أهله وجاهل من أهلها أو زوجين عنيدين لا يجعلان للحكمين كلمة ولا سمعاً أو يحصلان على الاستشارات والتي يفترض أن تكون هي الحل إذا صدرت من قوي أمين على علم ودين؛ فنجد أنها تصدر لها حسابات شخصية من غير المختصين بمشاكل الأسرة، وممن ليس له خلفية شرعية تراعي المصالح العامة لجميع أفراد الأسرة فينصرون الطرف الذي يتواصل معهم أو يحرضون على نجاته بنفسه ويغلقون في وجهه كل أبواب الحل والصلح أو يعلقونه بالأبراج والاتجاهات والطاقة ويستدلون بها على استحالة البقاء بينهما.
وشددت الأستاذة عالية الشهري أن الأسرة في حياة الشعوب والأمم هي نواته إذا صلحت صلح المجتمع وإن فسدت فسد وهلك، والمملكة العربية السعودية ككل أمة فطنة طموحة لم تغفل عن هذا الدور، فنصت المادة التاسعة من النظام الأساسي للحكم بأن الأسرة هي نواة المجتمع السعودي، ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر، واحترام النظام وتنفيذه وحب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد، حيث تدرك المملكة خطورة هدم الأسرة على الوطن واضعة سبل حمايتها في أولوياتها ومدركة أثر ذلك في استقرار وقوة هذا الوطن مسابقة في ذلك دول العالم المتقدمة التي ترعى الأسرة في كافة جوانبها، مشيرة إلى زمننا الذي تعددت فيه التحديات والمخاطر التي تواجهها الأسر للحفاظ على هذا الكيان، ويأتي الطلاق على رأس قائمة هذه المخاطر التي تهددها، وهو الذي شرعه الله لحكمته البالغة وعلمه بخلقه واختلافهم في جوانب متعددة فجعل الطلاق علاجاً كالكي يلجأ له بعد استنفاد كل الوسائل في استمرار الأسرة، حيث إن الأصل في عقد الزواج أن يكون دائماً.
وأوضحت عالية الشهري أن الفقهاء اتفقوا على مشروعية الطلاق بما ورد من أدلة في الكتاب والسنة وثبوت وقوعه من الصحابة - رضوان الله عنهم - فأباحوا وقوعه وفق ضوابط شرعية، كما أختلف العلماء في هل الأصل في الطلاق الحظر أم الإباحة، والراجح أن الأصل في الطلاق الحظر ولا يباح إلا للحاجة المعتبرة شرعاً، وهو ما جعل هذا الموضوع محل عناية مؤسسات الدولة بعد حرصها على سلامة الأسرة ازدياد الإحصائيات المقلقة والصادرة من وزارة العدل والتي تفيد بارتفاع معدلات الطلاق عاماً بعد عام.
وأكدت الأستاذة عالية الشهري أن مما يؤسف له أن كثيراً من مشاكل وقضايا الأسر تتم معالجتها لدى ممن يفتقدون العلم الشرعي الصحيح جاعلين الغلبة فيها لإبليس وأعوانه، وأنه عند حدوث الطلاق فالرجل والمرأة خاسران كبيران نفسياً ومالياً واجتماعياً بل قد يتعرضان لفقد الوظيفة وللانحراف بسببه وهذا بحسب الدراسات، ونجد أن الأطفال الخاسر الأعظم من حصول الطلاق حيث إن تفكك الأسرة أحد أهم أسباب انحراف الأبناء سلوكياً وفشلهم دراسياً وحتى على صعيد مستقبل أسرهم ووجد أن الفتيات أكثر تأثراً، كذلك المجتمع يؤثر الطلاق عليه بسبب الانهيار الحاصل لكافة أفراد الأسرة فتخسر بناء قائم وتعاني من جيل جانح فاشل دراسياً بقيم مختلة غاضب على مجتمعه فيصبح فريسة سهلة في يد أعداء وطنه، مبينة أن الحل في حال كان الطلاق لحاجة معتبرة شرعاً أن تحصل الأسرة على طلاق آمن يحفظ لجميع الأطراف حقوقها دون ظلم أو اعتداء من طرف على الآخر ودون تنمية مشاعر سلبية لدى الأبناء تجاه أحد الوالدين، وإن كان الطلاق لم يقع ولم يكن هنالك حاجة معتبرة شرعاً فالواجب على الأهل دعم هذه الأسرة نفسياً ومادياً والتقرب منهم وحضهم على البحث عن حلول تعيد لحياتهم ألفتها، وأن يراعي الزوجان وهما الحاميان لهذا الكيان الله فيما بينهم من عشرة وأبناء، ثم نقول هذا المشروع الذي بذلتم في تكوينه الكثير مادياً وجسدياً ونفسياً لا تتركانه للخسارة والانهيار بل أعيدا النظر في أسباب هذه المشاكل وتفقدا أنفسكم وجوانب التقصير فيكما قبل أن يهاجم كل طرف الطرف الآخر، فقد تكون مرحلة عمرية أو تغيرات هرمونية أو مشاكل صحية أو تفريط في جوانب دينية هي سبب هذا الخلل الذي حل بهذا الكيان الذي صمد فترة لا يجب أن يستهان بها ولو كانت قصيرة وتأكدا بأنه لن يكون التحدي الأخير في حياتكما واستعينوا بناصح أمين، وثقوا أن من يرد بكم خيراً لن يحثكما على الطلاق من غير بأس.