خالد بن حمد المالك
يتحدث بعض اللبنانيين عن كرامتهم وكبريائهم، وأن أي أحد لا يحق له أن يُملي على لبنان ما يتعارض مع ذلك، ونحن نريد للشعب اللبناني الشقيق، أن يكون حُرّاً وصاحب قرار، وأن أحدًا لا يُملي عليه ما يخالف هذه الصفات الجميلة التي يتحدث بها وعنها بعض اللبنانيين، لأنها تتفق مع حق الإنسان في حقوقه الإنسانية، وحق الدولة في استقلالها، وحماية هذا الاستقلال من أي تدخل أجنبي.
* *
غير أن الواقع لا يقول ذلك تمامًا، فمن اللبنانيين - ولا أعمِّم - من ارتضى أن يبيع ضميره، ومصلحة لبنان، بأبخس الأثمان، معَرِّضًا مستقبل لبنان للخطر، دون أن تجني البلاد أي فائدة من تركيعها لصالح الأجنبي، أو يستفيد منها الشعب اللبناني استفادة تبرر قبول هذا التدخل الخارجي، حتى ولو كان ذلك على مضض، حتى ولو قُوبل من المعارضة اللبنانية الشريفة بالرفض، والاعتراض، وإظهار التخوف من المستقبل الخطير الذي ينتظر هذا البلد العربي الجميل.
* *
وحين نقول هذا، فلا نتحدث من فراغ، ولا نقول بما ليس لدينا عنه من علم وأدلة دامغة، ودلالات معروفة للقاصي والداني، فهذا حزب الله، وهذا أمينه حسن نصر الله، وهؤلاء المنضوون في هذا الحزب لا يتحدثون إلا عن صداقة إيران، ولا يروِّجون إلا بما يعمِّق التأثير السلبي على استقلال لبنان بجَرِّه إلى ولاية الفقيه في إيران، ومنح طهران الحق بأن تكون بيروت إحدى عواصم إيران الخارجية الأربعة.
* *
يتحدث المواطن اللبناني الشريف، الذي يحب بلاده، ولكنه لا يملك القوة لقهر هؤلاء الذين يريدون للبنان أن يكون تابعًا لإيران، بل إن البعض عندما حاول أن يحمي بلاده من المفرطين بمصالحه، ووجه من قوة حزب الله العسكرية بالحديد والنار، فكانت التضحيات أكبر من القدرة على التحمُّل أمام هذا الإفراط من حزب الله في استخدام القوة لقتل المواطنين، وسلب كرامتهم بالقوة المفرطة التي يتعامل بها حزب الله مع اللبنانيين الشرفاء، حتى ولو كان ما فعلوه لا يتجاوز مظاهرة سلمية يجيزها القانون لهم.
* *
ويسأل المواطن المسكين، ماذا يفعل رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الوزراء، والنواب والوزراء للمحافظة على كرامة اللبنانيين فلا يجد جوابًا إلا أن أيديهم وأرجلهم مكبلة، وأنهم لا يملكون القدرة لأن يعترضوا على أجندة حزب الله، وعمالته لإيران، وأن مواقفهم سواء أكانت بإرادتهم، أو بإجبارهم عليها، تجعل من الكبرياء والكرامة التي يتحدث عنها غير الشرفاء من اللبنانيين تحتاج إلى إعادة أكثر من نظر.
* *
فالتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للبنان، وسيطرة حزب الله على القرار في البلاد، لم يكن ليتحقق لولا أن هذا الحزب المتآمر والعميل لإيران يمتلك ترسانة من الأسلحة يتم تحديثها وزيادتها من إيران من حين لآخر، بما لا يملك الجيش اللبناني ما يوازيها، ما جعل الأخير الطرف الأضعف في معادلة ميزان القوى بين حزب الله والجيش، بل وحتى الأمن العام.
* *
حسن نصر الله يصنف إيران على أنها صديقة لبنان، ويعلن على الملأ بأن رواتب كل كوادر حزبه وسكنهم تأتيه من إيران، وهو لو قال إن إيران صديقة حزب الله لصدق، غير أنه يذكر كل هذه المعلومات التي تدينه، ثم يجيرها لصالح لبنان، في فجور وفسق وكذب يندي له جبين الشرفاء من الإخوة اللبنانيين، لكن أين موقع حسن نصر الله من هؤلاء الشرفاء.
* *
بعضهم يسأل لماذا إسرائيل لا تقوم بتصفية حسن نصر الله كما تفعل مع غيره، والجواب لا يحتاج إلى كثير من التأمل والتفكير، فإسرائيل مستفيدة من وجوده، وهو حليفها، وما خُطَبه وكلامه عن إسرائيل إلا لذر الرماد في العيون، فلبنان بلد صغير المساحة، متعدد الديانات والمذاهب، وهو مخترق من إسرائيل وغير إسرائيل، ووصول إسرائيل إلى حسن نصر الله أيسر من أن يأخذنا التفكير لماذا الإبقاء عليه حيًا، كونه الحليف الذي لا يخون تل أبيب.
* *
أما تدخلات المملكة في لبنان بحسب زعم أحد المنتمين لحزب الله، فهي -تصوروا واضحكوا!!- إنما هو لإجبار لبنان على التطبيع مع إسرائيل، وأن هذا - بزعمه - مصدر الخلاف بين الرياض وبيروت، وهو بهذا يتحدث بما لا يمكن أن يصدقه عاقل، بل حتى ولو كان مجنونًا، وبهذا المنطق الغبي السخيف التافه هكذا يفسر حزب الله سبب الخلاف، مع أن المملكة أعلنت على رؤوس الأشهاد أن خلافها الحقيقي بسبب سلوك حزب الله المشين الذي يُهرِّب السلاح والمخدرات إلى بلادنا لقتل المواطنين والمقيمين، ويتدخل في حرب اليمن لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه المملكة لقتل المدنيين دعماً من الحزب للحوثيين، وأن الخلاف الحقيقي هو بين حزب الله ولبنان، لا بين المملكة ولبنان.