إن المشهد الثقافي العربي منذ سنين طويلة يمشي على وتيرة واحدة، وتيرة بطيئة بسبب أن الحلقة الأقوى في هذه العملية هي دور النشر، والحلقة الأضعف هي المؤلف؛ وبسبب هذه العملية التعاقدية نشأ مفهوم الوكيل الأدبي الذي يقف في صف المؤلف ليحميه من غول دور النشر.
الوكيل الأدبي هو وكيل يعرض الكتّاب وكتبهم إلى الناشرين، ويكون وسيطاً وحلقة وصل بين المؤلف ودار النشر.
الوكيل الأدبي من مهامه تنظيم هذه العملية ليحصل كل طرف على حقوقه، ويؤدي واجباته قدر الإمكان.
إن الوكيل الأدبي لا تنحصر مهمته على البحث عن دور نشر مناسبة للمؤلفين، بل يذهب إلى أبعد من ذلك من تدقيق العقود، وتجويدها، وكذلك البحث عن أفضل صفقة ممكنة في جميع أوعية النشر (الورقية والصوتية، والدرامية والمسرحية).
مفهوم الوكيل الأدبي هو مفهوم جديد على الساحة العربية، ولذلك يكتنف هذا المصطلح الكثير من الغموض لاسيما عند المؤلفين وبعض دور النشر.
إن الوكيل الأدبي هو قنطرة وعبّارة يجمع بين طرفين، ودار النشر الذكية هي من تستفيد من مهام الوكيل؛ لأنه سيسهّل عليها الكثير من ناحية البحث عن مؤلفين جيدين.
مثل كشّاف اللاعبين، الوكيل الأدبي هو كشّاف المواهب للكتّاب.
إنه يبحث بخبرته عن الكتّاب الناشئين من أجل تقديمهم إلى الساحة الأدبية.
الوكيل الأدبي له دور مهم في الثقافة بحيث إنه ينخل الكتب التي تأتي إليه، فمن المؤكد أن يكون له نظرة ثاقبة، ويعمل على (تحرير) العمل قبل إرساله إلى دار النشر.
إنه يغربل الساحة قدر الإمكان، وينقيها من شوائب الكتب.
ومن مزايا الوكيل الأدبي أنه يصرف الكاتب للكتابة الإبداعية وحسب، والوكيل يقوم بالمهام الأخرى في البحث عن دار نشر والتفاوض معها وجلب أفضل الصفقات.
مفهوم الوكيل الأدبي موجود لدى الغرب منذ ما يقارب المئة سنة، ولكن لدينا هنا هو مفهوم مستحدث؛ ولكن أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي.
هناك في الغرب يكاد يقتصر الوكيل على الروايات، والروايات الخيالية فقط، ولكن في المنطقة العربية لن يكون الأمر مقتصراً على الروايات الخيالية؛ وإنما سيمتد إلى جميع ألوان السرد التي يتقنها الكاتب العربي، ومن أهمها الشعر.
ويمتد دور الوكيل ليصل إلى الترجمة فيتواصل مع المترجمين ودور النشر الأجنبية من أجل شراء الحقوق سواء للأفراد أو الجهات.
والجدير بالذكر أنه يوجد «وكالة أدبية» كجهة، ويوجد «وكيل أدبي» كفرد.
الوكالة الأدبية كجهة تقدم خدمات مثل التدقيق الإملائي والتنسيق الداخلي وتصميم الغلاف وكذلك الخدمة الأصيلة وهي التحرير، وخدمات ما بعد النشر كالتسويق والأنشطة والفعاليات الثقافية وحفلات التوقيع.
وقد قامت مشكورة وزارة الثقافة لدينا ممثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة باستحداث رخص للجهات وكذلك للأفراد من أجل دعم صناعة النشر بشكل يليق بمستوى وسمعة أدب السعودية.
الوكيل الأدبي مفهوم طال انتظاره، وقريباً سنرى أفعاله.
** **
- حاتم الشهري