ـ قصة قرأتها صالحة لتكون موضوعاً مسرحياً ضمن الكوميديا السوداء والمعاني الإنسانية، تقول القصة: بعد عمر 60 سنة من التعب والعمل، أمتلك عمارة صغيرة بها 5 شقق و5 محلات تجارية (دكاكين) أعمل في واحد منها (بقالة) أما الـ 4 الأخرى المتبقية فهي مؤجرة، بالإضافة إلى فيلا صغيرة أعيش فيها وزوجتي، عندي 3 أولاد وابنتان منحتهم كل الحقوق المادية، وزوجتهم وهم يعيشون وأحفادي في العمارة في حياة هادئة دون أي منغصات، بعد كورونا طلبت مني زوجتي إغلاق المحل حتى لا أصاب بالعدوى، لكنني تجاهلت الطلب وبقيت أعمل، عندها قامت زوجتي بدعوة الأولاد جميعهم مع عوائلهم، وصنعت لهم وليمة ذات قدر وقيمة من أجل أن يجبروني على ترك العمل ولم أكن أعلم بالأمر، وحين أنهيت عملي مساء وعدت إلى منزلي، رأيت المائدة مليئة بالأكل والفاكهة، ورأيت زوجتي حزينة! وحين سألتها عن السبب أخبرتني بالأمر وكيف أن جميع الأولاد اعتذروا عن الحضور بحجج واهية، فأخذت قراراً بترك العمل، وبعد عدة أيام اتصلت الأم بأولادها وأخبرتهم أنني مصاب بكورونا، فاخذوا يتصلون هاتفياً يسألون عن حالتي فتخبرهم أنها تسوء يوماً بعد يوم حتى أخبرتهم فيما بعد بنقلي للمستشفى، وكانت تطلب منهم المجيء لرؤيتي، لكنهم كانوا يعتذرون بأنهم يخافون التعرض للإصابة، بعد عدة أيام أخبرتهم أنني توفيت وأن الإجراءات الرسمية تولت دفني وأنها محجورة في منزلها، وبعد أربعة عشر يوماً أخبرتهم أنها سليمة وليست مصابة، قرر الأولاد مع عوائلهم زيارة والدتهم بعد وفاتي (الكذبة) فجاؤوا يبكون مرتدين ثياب الحزن ومعهم زوجاتهم وأولادهم أحفادي، جلسوا مع والدتهم (أنا حاجز نفسي في إحدى الغرف) وبعد أن عزوها وعظموا الأجر في وفاة والدهم المرحوم (طبعاً أنا) أخرجوا أوراقهم لتوزيع واستلام الإرث ومعهم المحامي الشرعي، إذ كانوا في فترة حجر والدتهم قد قسموا كل شيء بينهم (فقط الفيلا منحوها لأمهم) كانت والدتهم تتوسل إليهم أن ينتظروا إلى أن تنتهي فترة الحداد لكنهم رفضوا ذلك ولم يستمعوا إليها، وحين أتموا كل شيء خرجت عليهم من غرفتي وفعلت بهم الأفاعيل وطردتهم، وانتبهت إلى أني لم أكن أربي ذرية من ثلاثة أولاد وابنتين، إنما كنت أربي خمسة فيروسات كورونا كبيرة، حينها صممت أستثمر ما أملك من رصيد بالبنك وأنتقل أنا وزوجتي لقرية صغيرة نسكن فيها بقية العمر، اشتريت عدداً من الأغنام والإبل لنربيها، فكان الاستثمار في بهائم الحيون أفضل لنا من الاستحمار في بهائم الإنسان.
** **
- مشعل الرشيد