عثمان بن حمد أباالخيل
عادةً الواقع لا يتغيّر إلا إذا غيرناه أو تغيرنا، وواقعنا اليوم من الصعب أنْ يتغير فلْنقل من المستحيل أنْ يتغير. هذا الواقع فَتحْنا له أبوابنا وصدرونا وأسوار بيوتنا ودخل وتربّع في كل زوايا بيوتنا تعرفون من هذا الواقع؟ إنه التباعد الاجتماعي إنها مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي هذا الواقع الذي لمْ يعطنا فرصة التعلّم والفحص لنقول نعم أو لا. هناك من يرحّب بهذا الواقع وهناك من رفض هذا الواقع لكنه تعامل معه فهو واقع لا بديل له في واقعنا. وقعنا في شِباك الواقع واشتبكنا معه وأشبكنا مع أنفسنا ومع الآخرين ودخلنا دهاليز مظلمة. لا يعلمها إلا الله من هذا الكم الكبير من المعلومات والبيانات والصور ونقل الأخبار والكثير من الزوايا المظلمة.
برامج ومواقع التباعد الاجتماعي كما يحلو للبعض أن يسموها ترفض هذا الاسم وهذه الصفة التي لا تمت للواقع فواقعها واقع إنساني واجتماعي وتواصل ومعرفة والغوص في النفس البشرية وكل ما يسعد الناس، الناس فبعض الناس أساؤوا للتواصل الاجتماعي وفرضوا عليه ما لمْ يفرضه على نفسه. صور التباعد الاجتماعي صور كثيرة، صور مؤلمه أشد ألماً من وقع الحسام، صور تدمي العين وتحجّم العقل وتدخل القلب في غيبوبة يعيش على أجهزة ومعدات وأدوية لكِن الواقع لا يقبل إلا نفسه.
مواقع التواصل الاجتماعي في غالبيتها مواقع تهدف إلى إسعاد الإنسان كل حسب رغبته الإيجابية، هذه الإيجابية تحوّلت عند البعض إلى أهداف سلبية سلبتْ النوم والراحة والطمأنينة وحولتْ الحياة إلى كابوس مخيف، مؤسف ومؤسف جداً أنْ يفكر البعض بالنقيض علماً أن النقيض نقيض أسود مُغبر. لماذا البعض يُعطل عقله ولا يعْقل ويتعقّل حين يرمي سهامه المؤلمة السامة بكلمات وعبارات جاهلية يجرح بها الطرف الآخر الذي حماه الله بكامل عقله.
لا نستطيع أنْ نغير واقع التواصل الاجتماعي لكننا نستطيع أن نغيّر واقع استخدامه، الإنسان لا ينسى من أساء إليه لكنه ينسى أن يسيء لمن أساء إليه تباً للإساءة ودعوه للمسيئين اجعلوا أنفسكم في مكان من أسأتم إليه فهل تقبلون الإساءة (احذر من رجل ضربته ولم يرد لك الضربة فهو لن يسامحك ولن يدعك تسامح نفسك) جورج بيرنارد شو. فضاء الإنترنت والأقمار الصناعية فضاء واسع لا يحتاج إلى تأشيرات دخول ولا تنفع معه اللوائح السوداء، من الصعب فرض أو تحديد طريقة اتصال الناس بالإنترنت وحجب الفضاء، فضاء بيوتنا يمكن التحكم به لمن يريدون أن يتحكموا وذلك بالرقابة والنصح والتوجيه للنافع وليس للضار. بيوتنا نحن من نستطيع أن نتحكم بقيمها ونشر القيم الإيجابية وليس الآخرون. الأمهات الآباء لهم دور في المتابعة والرقابة وليس تشجيع الأطفال وتركهم يتابعون ويشاهدون ما يريدون وبعد ذلك يندمون حين لا ينفع الندم. ما يزعجني ويزعج الكثير التنمر الإلكتروني أحد أمراض التكنولوجيا الحديثة والقادم في هذا المجال لا نعلم كيف يكون.