خالد بن حمد المالك
منذ وصوله إلى قصر بعبدا ولبنان من سيئ إلى أسوأ، ومن مشكلة إلى أخرى، ومن النور المحدود إلى الظلام الدامس، فعون ضمن الأجندة الإيرانية يعيث بالبلاد، وليس له من اهتمام غير إرضاء حزب الله وأمينه حسن نصر الله، والقبول بإملاءات صهره جبران باسيل الذي تولى رئاسة حزب التيار الوطني الحر خلفًا له.
* *
لقد أضاع عون لبنان، كما لم يضعها غيره من الرؤساء السابقين، بسبب دخوله طرفًا معارضًا للمعارضة، ووضع نفسه بممارساته على أنه ليس رئيسًا لكل اللبنانيين، وأن الرئاسة التي أوصله لها خوف اللبنانيين من الفراغ الذي امتد زمنًا طويلاً دون رئيس للبنان، هو ما جعل الأحزاب المعارضة لترشيحه تقبل بذلك في ظل خطورة أن يبقى لبنان بلا رئيس للجمهورية.
* *
لكن ما حدث في ظل ملء الفراغ كان أسوأ بكثير مما كان عليه الوضع حين ظل لبنان بلا رئيس لفترة طويلة، فعون لا تهمه مصلحة لبنان، وإنما يهمه نفسه وحزبه وحزب الله وإيران ونظام بشار الأسد، فهو يستند عليها في فترة رئاسته، ويستند عليها بعد انتهاء ولايته.
* *
ولأنه لم يبق على فترة رئاسته سوى أشهر قليلة، فقد سارع إلى القول إنه لن يسمح بالتمديد لمجلس النواب، وإنه لن يوقِّع مرسومًا ينصُّ على إجراء الانتخابات في مارس المقبل، بمعنى أن الرئيس عون كما يقول لن يوقِّع مرسومًا يدعو الهيئات الناخبة إلى الاقتراع في الانتخابات النيابية في 27 مارس المقبل، ولن يوافق إلا على مرسوم لإجراء الانتخابات في أحد موعدين 8 أو 15 مايو من السنة المقبلة.
* *
ويفسِّر عون رفضه بإجراء الانتخابات في 27 مارس بأن ذلك يحرم آلاف اللبنانيين الذين يبلغون السن القانونية من الاقتراع، إضافة إلى الظروف المناخية غير الملائمة في هذا الوقت، كما يتوافق رأيه مع رأي الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر، في رفضه لتعديلات قانون الانتخابات، وهي أعذار واهية، وأسباب غير مقنعة، والهدف منها تعطيل الانتخابات، وبالتالي تعذر انتخاب رئيس جديد.
* *
يضيف عون الذي تنتهي ولايته في شهر أكتوبر من العام المقبل في حديثه لصحيفة (الأخبار) اللبنانية خوفه من تعذر انتخاب رئيس جديد في المهلة الدستورية، مؤكداً أنه لن يسلِّم لبنان إلى الفراغ، ما يعني أنه يستبق اختيار الرئيس اللبناني الجديد بثقته بأنه لن يكون هناك مجلس للنواب، ولا مجلس للوزراء، وبالتالي يبقى في قصر بعبدا رئيساً للبنان حتى مع انتهاء ولايته، وهو إجراء استباقي خطير، سوف يضع لبنان في دائرة الفوضى بعد انتهاء فترة رئاسته التي كانت مرحلة كارثية على لبنان.
* *
إذاً، فالرئيس ميشيل عون إذا ما وصله مرسوم يحدد يوم 27 مارس موعداً للاقتراح فإنه سوف يرده من حيث أتى، وأنه ينصح بعدم إرساله إليه، وأنه لا أحد يسعه لفرضه عليه، رافضاً تحمُّل مسؤولية تأخير الانتخابات، وأنه لن يسلِّم البلاد إلى الفراغ فيما لو لم تكن هناك حكومة، مضيفاً أن الرئيس القادم يجب أن يكون من حزب سياسي، قاطعاً الطريق على قائد الجيش، وكأنه يقول ليس أمام لبنان من خيار لاختيار الرئيس القادم سوى سليمان فرنجية من (المردة)، وهو مرشح من حزبه وحزب الله، وجبران باسيل، وهو مرشح حزب التيار الوطني الحر.
* *
يحدث كل هذا، وهناك سجال بين الرئيس والقوى المؤثرة في مستقبل لبنان، حول تعديل قانون الانتخابات النيابية، ما يعني أن لبنان أمام استحقاق ديمقراطي قد لا يتحقق، لأن الرئيس كما عطَّل استحقاقات أخرى ها هو يُعطِّل هذا الاستحقاق، ويعلن أنه لن يترك قصر بعبدا، وهو ما تمَّ تفسيره من وجوه عدة، بحسب قراءته بين هذا وذاك.