رمضان جريدي العنزي
في إحدى قرى أفغانستان عمد أب إلى بيع طفلتيه الصغيرتين فريشة البالغة من العمر 6 سنوات وشكرية (سنة ونصف فقط)، كي لا تموت العائلة من الجوع بعدما نزحت بسبب الحرب والجفاف، وقد بيعت الطفلتان مؤخراً إلى عائلتي قاصرين، على أن تصبحا زوجتيهما في المستقبل، وعرضت العائلتان نحو 3350 دولاراً مقابل الفتاة البكر و2800 دولاراً مقابل شقيقتها، وما إن يكتمل دفع المبلغين، وهو أمر قد يستغرق سنوات، سينبغي على الفتاتين توديع أهلهما لتعيشا مستقبلهما المعتم، عائلة أخرى لم تجد سبيلاً لتسديد ديونها سوى بيع ابنتها البالغة (ثلاثة أعوام) إلى رجل يبلغ من العمر (23) عاماً ليتزوجها لاحقاً، هذه الممارسات اللاإنسانية واللاأخلاقية باتت منتشرة في العراق وسوريا وفي لبنان وفي دول أخرى كثيرة، كما تقول الأخبار وتنقل لنا، بسبب الحروب والفقر والفاقة والشح والحاجة، هذه الأخبار المأساوية، والتقارير المصورة، صادمة جداً ولا أحد يستطيع تحملها مطلقاً، بل تصيب بالحزن والكآبة، وتعيث في النفس الألم والخراب والكمد، وترهق القلب بالضربات الموجعة، إن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، تشوه طفولتهم البريئة، بعد أن يتم استغلالهم استغلالاً بشعاً، لقد أصبح الأطفال مثل البضائع الرخيصة، التي تباع بأسعار زهيدة وتافهة، صار لبيعهم سماسرة ووسطاء وأماكن بيع وعمليات تكلفة ومصاريف وإيواء تعيس، قصص مأساوية في هذا المجال تنهمر لأجلها الدموع، ويتفطر لها القلب، وتنتحب من أجلها الأرواح، لقد أصبح بيع الأطفال القصر والرضع وسيلة ربح وتكسب وتجارة ثمينة لضعاف النفوس والباحثين عن المال بأي طريقة أو وسيلة، إن هذا العمل بشع ومقيت ومخالف لنواميس الحياة، وعمل لا يمت للإنسانية بصلة، وينحو منحى بعيداً عن الفطرة السوية، والسليقة الآدمية، أعرف أن الفقر كابوس للناس، فهو يشكل حلقة مفرغة، ومصيدة دنيئة، ونقمة تعوق النمو، وترهق الكاهل، وتؤجج المشاعر، وتدميراً مخيفاً لحياة الناس، إن الأشخاص الذين يعيشون ظروف الفقر وأحواله يقضون حياتهم على الهامش من أجل البقاء فقط بعيداً عن الحلم والتطلع، إن الفقر ليس من صنع الفقراء، لكنه نتيجة لحالات فشل هيكلية ونظم اقتصادية واجتماعية عديمة الجدوى، وضحالة القدرة على حله، إن الفقر ظاهر عالمية تحدث في الكثير من المجتمعات، إن الخلاص من الفقر يحتاج تكاتفاً دولياً أميناً لدفنه وردمه، إن على المجتمع الدولي أن ينشغل باحتواء هذا الخطر، لنه خطر بائن لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه، وعلى المجتمع الدولي إيجاد رؤية عاجلة لتذويب الفقر وإزاحته، وعليه وبناء على ذلك إيجاد العمل اللائق وتوحيد الصف الدولي وفق مسعى تعاوني يحول الحلم إلى حقيقة، إن على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية العمل الفوري من أجل القضاء على الفقر ليتم القضاء تماماً على تجارة الأطفال والرضع البائسة، إن على المجتمع الدولي أن يلتزم التزاماً تاماً في وضع ترتيب جديد وملزم من أجل إنهاء الفقر وطمره والقضاء عليه، حتى تهنأ الناس وترتاح، ويعيشوا الأمن الأسري والترابط التام، بعيداً عن مآسي البيع والشراء لأجساد ضعيفة، وأرواح واهنة، وأخبار تدمي القلب، وتصيب بالكآبة، وتوصم المجتمعات المتمدنة بالعار والشنار.