بعض الشركات لدينا في سوق المال تعزز مركزها المالي من خلال مبيعاتها وتسويقها وأرباحها التشغيلية وقبل هذا يقف خلف ذلك إدارة حكيمة ورجل تنفيذي ماهر يقودان مصالح الشركة إلى بر الأمان عبر خارطة طريق اقتصادية حتى في ظرف الركود الاقتصادي لا تجد لديها هزات مالية مزعجة أو كارثية واستثمارها للفائض من الأموال ويوجه بالاتجاه الصحيح وقليل المخاطر.. مما يجعل المستثمرين بالشركة أكثر اطمئناناً وثقة وغالباً ما يكون توسعها في رأس مالها من خلال استقطاع جزء من الأرباح النظامية المبقاة مقابل أسهم مجانية للمساهمين وتتم بصورة تدريجية على مدى سنوات متباعدة في نسبة وتناسب بين رأس مالها وكفاءتها المالية ولغرض التوسع الإيجابي في مشاريعها بعيداً عن سياسة الاقتراض وغالباً ما تكون شركات أقرب للنجاح.
في المقابل هناك شركات في سوقنا المالي المحلي تعيش في صداع اقتصادي وغموض استثماري وخلل إداري وتنفيذي.. فهي تتجه إلى ثغرة النظام الأسهل لتطفئ خسائرها أو تسدد جزءاً من ديونها أو التوسع في نشاطها عن طريق خفض رأس المال أولاً ومباشرة رفعه عن طريق أسهم حقوق أولية.. وكأنها تقول أيه المساهمين الكرام فزعتكم العاجلة نحن في (ورطة) مالية.. هنا يشعر المساهم أن أحلامه كانت سراباً وثقته بشركته مهزوزة وتزداد الظاهرة سوءاً عندما يتكرر لدى الشركة إجراء الخفض والرفع ناهيك أن بعض الشركات حتى مع هذا الإجراء تبقى في دوامة الخطر وأقرب للإفلاس لأن رأس مالها بدأ يتآكل ولم يبقَ إلا (الفتات) اليسير.. وربما بعض الشركات لم يشفع لها إلا المضاربة (الموسمية) وإلا شهدت قيعاناً كارثية وخاصة فئات رأس المال الكبير.
فمن وجهة نظري أرى أن يتم الموافقة على التخفيض في رأس المال ما دام له مردود إيجابي.. لكن لا يسمح بزيادته مرة أخرى إلا بعد مرور خمس سنوات مالية وبعد أن تحقق الشركة أرباحاً تشغيلية مجزية.. وتكون الزيادة بحدود لا تتجاوز خمس رأس المال إضافة إلى زيادة الحوكمة المالية على قرارات مجلس الإدارة والاستعانة بمكاتب استراتيجية مالية لدراسة جدوى الاستثمار في مشاريع الشركة وأن لا يتم تنفيذ مصلحة لطرف ذي علاقة بالشركة بأكثر من حاله حتى تكون النزاهة بالشركة أقرب للدقة.
إن محيط (السوق المالية) عالم من الشواطئ الناعمة والقيعان السحيقة.. والدخول في هذا المجال محفوف بالمخاطر.. لذا علينا قراءة الشركات ومعرفة ما يناسب للاستثمار لعقود من السنوات... لكن يبقى دور التجارة ووزارة المالية وهيئة السوق المالية ونزاهة أن تكون أكثر رقابة وحوكمة للشركات وتعميم الشفافية لجميع المساهمين حتى لا نجد أكثر من شركة تحمل الدائرة الحمراء وتسير إلى المجهول وخسرت أكثر من نصف رأس مالها ناهيك أن تتجاوز ذلك.. أو يجد المساهم (أحلامه) في طريقها للإفلاس.. وتزداد نسبة العوز والحاجة كما آمل أن يتم الفحص الدقيق لجميع الوافدين الجدد (للسوق المالية) من الشركات التي وجدت في الدخول (غنيمة) محققة ولاسيما التي قيمت أصولها وعلاوة إصدارها بمبالغ خيالية وكأنها لا تطابق الواقع بعد الطرح.. فالبعض يميل لانخفاض الأرباح الفصلية أو أرباح الفترة والبعض (يجيب العيد) بإعلان خسائر.. لذا يجب إعادة النظر بعلاوة الإصدار ولا تكون غير مطابقة للواقع.