منذ بداية التاريخ والبشر يدونون أعمالهم وحياتهم وحضارتهم بشتى أنواع وأشكال التدوين، ليصبح نتاج عملهم تأريخاً لهم، وتتفاوت تلك الأمم والحضارات في منجزاتهم قياساً بمدة هذه الحضارة وعمرها، فهناك حضارات ظلت آلاف السنين حتى دونت النذر اليسير من الإنجازات، وهناك حضارات رغم قصر عمرها إلا أن تاريخها وإنجازاتها فاقت سنواتها بكثير.
وفي العلوم وفي علوم القياس تحديداً علمونا أن هناك سرعة للضوء، وسرعة للصوت، والبرق، والريح،...الخ، وكل هذه المقاييس كانت كناية عن سرعة الإنجاز وتجاوز المتوقع، وفي تاريخنا الحديث، هناك من الحكام والعلماء من سجل بحروف من نور تاريخا لا ينسى، وأعمالا خالدة أبد الدهر بعضها كان على الصعيد المحلي، وقليل ما تجاوز ذلك لتكون أعماله وإنجازاته علامة في تاريخ العالم ومن هؤلاء مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- باعث النهضة في التأريخ السعودي.
في الثالث من ربيع الثاني عام 1436 هـ الموافق الثالث والعشرين من يناير عام 2015م بويع سلمان بن عبد العزيز ملكا للمملكة العربية السعودية بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- وهو ليس بغريب عن الحكم، فقد بدأت حياته السياسية مبكرة جداً، عندما عُين عام 1954م أميراً للرياض بالنيابة وكان عمره آنذاك تسع عشرة سنة، وبعدها بعام صدر أمر ملكي بتعيينه أميرًا لمنطقة الرياض بمرتبة وزير، وظل يحفظه الله أميرا لها ما يقارب الخمسين عاما، قاد خلالها حملة التغيير والتجديد والتوسع في منطقة الرياض، بحيث أصبحت واحدة من أشهر العواصم العالمية، ومزارا للكثيرين.
وفي عام 2012م عُين وزيراً للدفاع، ثم ولياً للعهد، إلى أن بُويع ملكا للمملكة العربية السعودية عام 2015.
وخلال هذه الرحلة الطويلة، تعددت الإنجازات وتنوعت، فطال التطوير كل مجالات الحياة، وأصبح المواطن السعودي بفضل الله تعالى، ومن ثم بفضل قيادته الحكيمة، يعيش سعيدا هانئا مطمئنا ليومه وغده.
طالت وتعددت الإنجازات في منطقة الرياض وما حولها؛ فقد طالت الإنجازات وتعددت في المملكة في عهد سلمان وولي عهده وعضده أبي سلمان «صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان» حفظه الله. وعندما أراد المؤرخون كتابة هذه الحقبة التاريخية، عصت عليهم الأقلام، وتوقفت الكلمات، وكان سؤالهم الأول والأوحد: من أين نبدأ؟، فإن بدؤوا بالتعليم، نازعتهم الصحة، وإن بدؤوا بمكافحة الفساد، نازعهم تطوير القضاء، وإن بدؤوا برؤية المملكة 2030، نازعتهم مشاريع التطوير التي هي نفسها تنازع بعضها بعضا لتكون هي الأولى وجميعها الأولى ولله الحمد، ناهيك عن الاتصالات، والصناعة، والتجارة، والتحول الرقمي في شتى مجالات الحياة.
إن المؤرخ سيعجز مهما كانت قدرته على الكتابة، عن سرد كل هذه الإنجازات في هذا الوقت القصير، وكلما دون وكتب وكاد أن ينتهي، تنهال عليه الإنجازات من كل حدب وصوب، فيعود مرة أخرى ليشحذ همته ويملأ محبرته، ويجهز أقلامه وأوراقه، علَّه يلحق قطار الإنجازات التي فاقت سرعته كل السرعات التي تعارف عليها البشر.
وعلى مدار سنوات عديدة نلت شرف لقاء مولاي يحفظه الله، ودارت بيننا أحاديث قصيرة في مدتها، عميقة في مفهومها ومعناها، تعلمت منها الكثير والكثير، ونقلت هذا العلم لطلابي وأبنائي؛ تعلمت معنى التواضع والحلم، وأهمية العلم، تعلمت معنى الوفاء وذكر محاسن الناس ومآثرهم، تعلمت الجود والعطاء، تعلمت في مدرسة أبو فهد الحزم والشدة إن وجبت، والعطف والرقة بما تعني، تعلمت أهمية القرب من الله، والنهل من علم العلماء، تعلمت ولازلت أتعلم منك مولاي أنه لا حدود ولا نهاية لحلم نحلمه معكم، فهي بعون الله وفضله حقائق تتحقق على أرض الواقع.