محمد سليمان العنقري
أيام قليلة تفصلنا عن بداية مرحلة جديدة في دخول الرقمنة للمعاملات التجارية بالمملكة التي تعد أكبر سوق استهلاكي في المنطقة، حيث يبدأ في الرابع من ديسمبر المقبل 2021 م تطبيق المرحلة الأولى للفوترة الالكترونية، وهي مرحلة الإصدار والحفظ وستطبق على جميع المكلفين بها، وقد صدرت الموافقة على تنظيمها وحدد تاريخ العمل بها قبل حوالي عام من مجلس هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وتم خلال هذه المدة توضيح كافة التفاصيل التي يحتاجها المكلف لتكون بدايته معها صحيحة ووفق الضوابط واللوائح المنظمة لعملها، ولا شك أن لها فوائد عديدة تشمل الاقتصاد بشقيه الكلي والجزئي بخلاف انها تواكب التحول الرقمي الذي تعيشه المملكة في كافة القطاعات والخدمات مما سيسهم بتيسير الحياة وللأعمال على السكان والمنشآت وبيئة الأعمال عموماً ويوفر الوقت والجهد ويقلل التكاليف عليهم.
وقد حرصت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك خلال الشهور الماضية وحتى تاريخنا الحالي أن توضح كافة التفاصيل الإجرائية والتعريفية للمكلفين حول الفوترة الإلكترونية من حيث تقديم التعريف الذي يوضح الفرق بينها وبين الفواتير التي يصدرها التجار حالياً سواء المكتوبة بخط اليد او ببرامج تحرير النصوص، وكذلك طريقة حفظها واهمية الالتزام بالمعايير والضوابط التي وضعت لأجل ذلك حيث تم الإيضاح للمكلفين بأن متطلبات الالتزام بالمرحلة الأولى تتمثل في «التوقف التام عن استخدام الفواتير المكتوبة بخط اليد أو الفواتير المكتوبة بأجهزة الكمبيوتر عبر برامج تحرير النصوص أو برامج تحليل الأرقام، وكذلك التأكد من وجود حل تقني متوافق مع متطلبات الفوترة الإلكترونية، إلى جانب التأكد من إصدار وحفظ الفواتير الإلكترونية بكافة العناصر، ومنها رمز الاستجابة السريعة للفواتير الضريبية المبسطة، وكذلك الرقم الضريبي للمشتري المسجل في ضريبة القيمة المضافة للفواتير الضريبية، وأيضاً التأكد من تضمين عنوان الفاتورة وذلك حسب النوع المصدر»، كما تم نشر لائحة ارشادية غير ملزمة بمزودي الخدمة التقنيين المؤهلين من الهيئة لمن يريد التعامل معهم لوضع الحلول والبرامج التقنية التي تتطابق مع متطلبات المرحلة الأولى للفوترة الالكترونية.
وبذات الوقت فإن الهيئة وهي الجهة المشرفة والمنظمة للائحة الفوترة الالكترونية وتنظيمها شددت على أن التطبيق في المرحلة الاولى الذي يبدأ بعد حوالي 12 يوماً سيكون إلزامياً على المكلفين وأي مخالفة في هذه المرحلة يترتب عليها غرامات مما يدل على أن الوقت الذي منح للمنشآت من المكلفين لتستعد لهذه المرحلة كان كافياً لكي تكون بداياتهم ميسرة وسهلة في تطبيقها وتتمثل المخالفات التي نشرتها الهيئة على موقعها الرسمي وحساباتها بوسائل التواصل في العديد من النقاط من أبرزها «عدم إصدار الفواتير بشكل إلكتروني، وأيضاً عدم حفظ الفواتير إلكترونياً وكذلك عدم تضمين رمز الإستجابة في الفواتير الضريبية المبسطة الذي يسمى (QR code) بالإضافة لعدم إبلاغ الهيئة عن أي عطل يعيق إصدار الفواتير الالكترونية ومن بين اهم المخالفات القيام بأي عملية حذف أو تعديل للفواتير الالكترونية، حيث ستطبق غرامات مالية لبعضها تبدأ من خمسة آلاف ريال وتصل لخمسين ألفاً وبعضها يوجه للمخالف بالبداية انذار واذا لم يلتزم المكلف ويعالج مخالفته فتطبق عليه الغرامة المالية المنصوص عليها فمن المهم ان يطلع كافة المكلفين على تفاصيل لائحة الغرامات في نظام الفوترة الالكترونية لتجنب التعرض لها حيث أوضحت الهيئة بأن جميع الغرامات ستطبق وفقاً لنوع المخالفة وعدد مرات تكرارها.
المرحلة الجديدة في الرقمنة للعمل التجاري للمملكة ستدخل التنفيذ بعد أيام ولها منافع وفوائد عديدة في حماية الاقتصاد من التستر التجاري والتسهيل على المنشآت بتقديم الاقرارات الضريبية بوقتها وايضاً حماية للمستهلك ووضوح في الاسعار وتحقيق عدالة المنافسة تجارياً ومنع أي تلاعب وتقليل التكاليف على المنشآت والقدرة على العودة لأي معلومات بيسر وسهولة، وكذلك دعم معلومات السوق حول الأنشطة التجارية مما يساهم بعمل الاحصاءات والمعلومات عن الانشطة الاقتصادية وينعكس ايجاباً بجذب الاستثمارات للاقتصاد من خلال الدقة بمعرفة اتجاهات السوق فالأنشطة التجارية عددها بالمئات وجذب الاستثمار لها يرتكز على عوامل عديدة من أهمها البيانات والمعلومات عن حجم السوق وسيكون للفوترة الإلكترونية دور مهم في تقديم تلك البيانات بدقة عالية إضافة لفوائد عديدة ستلمس تباعاً في الفترة القادمة بعد بداية العمل بها بمرحلتها الأولى.