رقية سليمان الهويريني
تم مؤخرًا إيقاف مسؤولين في وزارات مختلفة تلقوا رشاوى مالية أحدهم كاتب عدل في إحدى المناطق حصل على ما يقارب ثلاثة ملايين ريال من رجل أعمال (تم إيقافه) مقابل إفراغ أربعة صكوك بمساحات هائلة بطريقة غير نظامية. ولم يكن ليحدث ذلك لولا تعاون المواطنين والوزارات مع هيئة الرقابة ومكافحة الفساد والجهات الأمنية خصوصا أن الهيئة تحافظ على سرية البلاغات والمبلغين.
ولا أحسب أن أحدا لم يسعده هذا الخبر برغم مرارته، وذلك بوجود موظف مرتش في مجتمع إسلامي، لكن المفرح هو تعاون المواطن النزيه مع الجهات المختصة وشجاعته بالتبليغ عن مرتكبيها للقضاء على هذا المرض الخبيث الذي ينخر في جسد المجتمع، وهو ظاهرة معيقة للتنمية، ومدمر للنزاهة. ولا تقل خطورته عن باقي القضايا الأمنية الأخرى، كالإرهاب والمخدرات! في الوقت الذي نرى فيه بعض الدول كالصين التي تحكم بالإعدام على مرتكب الرشوة، إذا ما ثبتت في حق موظفيها العموميين.
إن انتشار الرشوة في أغلب الدول العربية، ولَّدت لدى المواطن قناعة مصدرها صعوبة القضاء عليها بسبب بطء الإجراءات الإدارية الطويلة، والبيروقراطية المتفشية في المرافق والمؤسسات، وقد يتكلف التبليغ حياة المبلغ أو القضاء على مستقبله، وهذه التوجسات تسببت في توسيع رقعة تعاطي الرشوة، والتغافل من مخاطرها على المجتمع حتى تغير مسماها إلى أتعاب أو تسهيل أمور!
والرشوة المهلكة لا تعني الرشاوى الزهيدة التي يطلبها الموظف أو المسؤول فحسب؛ بل تتجاوزها إلى دفع مبالغ بمئات الملايين، خاصة تلك المتعلقة بالصفقات وإرساء المناقصات، أو بهدف الحصول على رخص وامتيازات أو صكوك أراض!
ولئن كان السبب في ظهور الرشوة هو انعدام الضمير وضعف الوازع الديني بما يجعل من الشخص بيئة صالحة لنمو الفساد إلا أن الأمر يحتاج تذكيراً دائماً وتوعية وإرشاداً، كما يحسن بالهيئة إعفاء الراشي من العقاب إذا ما بلَّغ عن المرتشي حفاظا على حقوق الناس وحفظا للأمانة كيلا تصبح العملة المتداولة في تعاملات الناس سواء باستخراج وثائق أو إبرام الصفقات الكبرى.