مبارك بن عوض الدوسري
امتازت الكشافة السعودية على مدى تاريخها الرسمي الذي يتجاوز ستة عقود بقيادات كشفية لديها قدرات قيادية تتسم بالحيوية والإيجابية والإنتاجية ووضع الأهداف الطموحة والعمل بدأب على تحقيقها ومنهم القائد الكشفي عبدالله بن شويل الغامدي الذي نجح في المساهمة مع آخرين في صناعة المستقبل الكشفي السعودي بتأهيل قيادات كشفية يترجمون أهداف العمل الكشفي التطوعي فكراً وعملاً ليبنوا معه مستقبل الكشافة السعودية حيث أصبح بعد أعوام من العطاء أن يكون قدوة ومنارة يهتدي بها القادة الكشفيون ليس في المملكة فحسب، بل من كل من يهتم بالتأهيل القيادي الكشفي في الوطن العربي، وكان آخرها مشاركته الفاعلة وإشرافه المباشر على تأطير كم من الأعمال المتعلقة بالتأهيل الكشفي، ومنها معايير وضوابط وشروط الدراسات التأهيلية، وسياسة الراشدين، والبرنامج التدريبي الحماية من الأذى، وسلسلة الأدلة التنفيذية لدراسات دليل التأهيل القيادي الكشفي الخليجي، وهو ما يعني تأسيسه لمنظومة متكاملة من المراجع الخاصة التي تتفق والمتغيرات والقرارات والتوصيات الكشفية العالمية ليستمر مُسجلاً اسمه في خارطة التميز بنظرة استباقية في الفكر والعمل، والإرادة في العطاء للوطن وأبنائه، الأمر الذي جعل أبناءه القادة الذين أسسهم خلال العقدين الأخيرين هم من يتولى زمام القيادة الكشفية اليوم في مختلف قطاعات جمعية الكشافة العربية السعودية.
لقد تعرفت على القائد الكشفي عبدالله بن شويل الغامدي قبل أكثر من ثلاثة عقود كشافاً ثم زميلاً وأستاذاً، وما زلت حتى اليوم أتعلم منه واستنجد به في كثير من الأمور، فوجدته خلال تلك السنوات شخصية تبحث عن التميز والتفكير خارج الصندوق، ويتسم بصفات عدة من أهمها ذكاؤه الاجتماعي، ورصيده الثقافي، وقدرته على الحوار والنقاش بلباقة، مرح وبشوش، يُفكر بموضوعية وعدم تحيز، لديه ثقة عجيبة بالنفس، وقدرة على الاتزان الانفعال، مُلهم، يهتم بالفريق الذي يعمل معه، ويتصرف بحكمة في المواقف، لديه القدرة على التفاوض والتواصل والتأثير والإقناع.
ومن الرسائل التي تلقيتها منه وأصبحت أضرب بها المثل في كل مناسبة تتعلق بالقيادة، إن كُنا في إحدى المناسبات الكشفية في القاهرة لاجتماعات اللجان الكشفية العربية الفرعية، وكنا أعضاء فيها وخلال أحد الاجتماعات الاجتماعية غير الرسمية طُرح سؤال من أحد الجوالة الحاضرين مفاده كيف يمكن أن أصبح قائداً متميزاً؟، فأدلى كُل بدلوه، حتى جاء الدور على أستاذنا عبدالله الغامدي، الذي طلب أن يكون هو الأخير، وبعد أن استمع للجميع، تحدث بلباقته المعهودة وأثنى على كافة الآراء، ووجه رسالته الخاصة لذلك الجوال والتي أتذكر أنه جاء فيها: أنك لكي تصبح قائداً متميزاً لا بد أن تضع لنفسك معايير عالية، وأن تعمل جاهداً للوفاء بتلك المعايير، وأنه كلما زادت كفاءتك في الحصول على النتائج زادت الفرص التي ستحصل عليها – فكانت خاتمة مميزة للنقاش علق الجميع عليها بالشكر والثناء.
لقد صنعت الكشافة السعودية منذ تكوينها رسمياً عام 1381هـ، العديد من القادة الكشفيين الناجحين، لكن من وجهة نظري المتواضعة، أن عبدالله الغامدي واحد من القلائل الذين تركوا بصمة وأثراً في التأهيل القيادي الناجح، الذي يتفق والسياسة العالمية لتنمية القيادات.