مجلَّة الجزيرة الثَّقافيَّة مجلَّة إبداعيَّة ثقافيَّة بلا منازع، سامية سامقة، ارتفعت عن القاع، وحلَّقت في السَّماء عالياً في سماء الثَّقافة والأدب واللغة، وكانت وما زالت مشعلاً استنارة ومنارة اهتداء، والنَّازع إلى العليا كلما ارتفع اتَّسع أفقه، ورحبت بصيرته، واستنشر لضوئه أبعاداً صعب استنارتها من دنوٍّ.
لقد انفلق صبح المجلَّة الثَّقافيَّة أوائل السَّنة (1424) الموافق (3/ 3/ 2003م) بعددها الأوَّل، وقد انطلقت يتلهَّف أهل الثَّقافة والأدب لعددها الأسبوعيِّ، يكتب فيها علماء كبار، وأدباء أخيار، ورجال ثقافة وأدبٍ، وأصحاب رؤى وذوو نظريَّات، وميدانها العلوم الإنسانيَّة اللسانية من ثقافةٍ وأدب ولغة ونقدٍ، فهي بحقٍّ علامة فارقة، وكما أنَّ الأمَّ من قبل كان مبعثها علامة فارقة أيضاً، وأعني بذلك جريدة الجزيرة على يد الأديب العلاَّمة: عبد الله بن خميس -رحمه الله- فقد كانت وهجاً نجديًّا أضاء الوسطى خصوصاً ووطننا المملكة العربيَّة السُّعوديَّة عموماً، والوطن العربيَّ كذلك:
وهل يُنبت الخطَّيَّ إلا وشيجُه
وتُغرس إلاَّ في منابتها النَّخلُ
وها هي الثَّقافيَّة بدت ناهضةً كما بدأت ناهضةً، لم يزدها كرُّ الأسابيع إلَّا توهجاً وسطوعاً، هي وثَّابة تتلألأ، جوهرة برَّاقة مزدانة بالأدب تلاطف قرَّاءها كل أسبوع بعدد ثريٍّ، مليء بالكتابات ذات الوهج العالي أدباً ونقداً، ثقافة ورشداً، لغة نحواً وصرفاً، بلاغة وشعراً، رواية وسرداً ، هذا عددها (700) في عامها التَّاسع عشر تزفه إلى قرَّائها كما عوَّدتهم ما كُتِب بهذه المناسبة بحقِّها وحقِّ ربَّانها، وسنحتفل بحول الله قريباً بعددها (1000) وستطل به علينا بأبهى صورة وأبهج حرف، مفعم بالثَّقافة الرَّاقية والأدب الرَّفيع، والنَّقد الشَّاذي.
إن كانت المجلَّات والصُّحف قوامها القائمون بها، ومحكمتها إلى القيِّمين عليها، فهم من يعلون من شأنها، أو يهبطون من قدرها بما يسمحون بنشره فيها، فإنَّ هذه المجلَّة الثَّقافية قد قيَّض الله لها فارساً مثقَّفاً أديباً سامياً ذلكم هو الأستاذ البارع المتفنِّن القدير: إبراهيم بن عبد الرَّحمن التُّركي، وهو للثَّقافة قلبٌ نابضٌ، وللأدب حامٍ حافظ.
وإن من مطلب أطلبه، وأمر أرغب فيه، أو أشير به وأقترحه هو حفظ تراث هذه المجلَّة الثَّقافية، بحيث يصنعُ رصد ببلوقرافيٌّ لما نشرته هذا المجلَّة الرَّائدة عبر أعدادها الَّتي بلغت المئين، وذلك بأن تفرد قائمة ببلقرافيَّة لكلِّ (100) عدد، ولو طبع كتاباً لكان أنشرَ له وأحفظَ، وهكذا دواليك، فمتى ما أتمَّ عدد النَّشر المئة يصدر لهذه المئة كتاب راصد لما نشر فيها، فيكون لكلِّ (100) عددٍ رصد، يحتوي هذا الرَّصد المقالات الأدبيَّة والرُّؤى النَّقديَّة، والتَّعاليق والرُّدود والتَّعقيبات، والقصص والأشعار، بذكر أصحابها وأعدادها ليكون فهرساً ومرجعاً لدارسي الأدب وأهل النَّقد، ودارسي الشِّعر، وقارئي الثَّقافة في بلادنا، وتجاربها الأدبيَّة ومحاوراتها الثَّقافية. والتَّحوُّلات في ذلك وتلك.
** **
د. فهيد بن رباح بن فهيد الرَّباح - كلِّيَّة اللغة العربيَّة - جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميَّة.
fhrabah@gmail.com