خالد محمد الدوس
لا مناص أن المرأة كالرجل تحتاج للمرفق القضائي سواء في خصومة أو إنهاء وفي حق مدني أو جزائي أو أسري أو تجاري أو عمالي أو إداري, وبما أن المرأة السعودية مصانة والجميع يحرص على حشمتها وعدم الإساءة إليها، وتسهيل مهامها, ولذلك فالمرأة شقيقة الرجل وبانية الأجيال، ولها دور كبير في التنمية الوطنية الشاملة والتطوير النهضوي وهي متساوية مع الرجل أمام القضاء في حقوقها وواجباتها.
وعبر هذه الزاوية نسلط الضوء على كتاب (الواقع الاجتماعي للحقوق القضائية السعودية في بعض مسائل الأحوال المدنية),للمؤلفة الدكتورة سناء محسن العتيبي أستاذ علم الاجتماع القانوني بجامعة الملك سعود.. كدراسة سوسيولوجية في علم الاجتماع القانوني, وهو من الفروع الحيوية الهامة الذي يدرس القانون كنظام اجتماعي قائم وفعال ومؤثر في تنظيم المجتمع.
الكتاب الذي ينطلق في معالجة حقوق المرأة في خضم التطوير المستمر للقوانين العدلية والأنظمة القضائية المتعلقة بنصف المجتمع (المرأة) بما يتماشى مع رؤية مملكتنا الطموحة (2030), يتكون من تسعة فصول. وقد نبعت فكرة الاهتمام بهذا الموضوع بالنظر إلى أهمية دور المرأة في بناء المجتمع السعودي، واستناداً إلى ما يناط بها من أدوار متوقعة في تنميته، وتحقيق الأهداف المنشودة، فضلاً عن الحقوق القضائية العديدة التي كفلتها الأنظمة السعودية للمرأة والمستمدة من الشريعة الإسلامية؛ ومع هذا فقد يكون هناك فجوة بين تطبيقات حقوق المرأة السعودية القضائية لاسيما في قضايا الطلاق والخلع والنفقة والحضانة وبين النصوص المكتوبة للأنظمة القضائية العدلية من جهة أخرى.
ويجسّد هذا الكتاب ضمان معالجة الحقوق القضائية للمرأة السعودية في ظل حرص الدولة على علاج المشكلات الاجتماعية والقضائية المؤرقة للمرأة، والتي قد تعيق مشاركتها الفاعلة في العملية التنموية. ويلاحظ ذلك من خلال توالي صدور التعديلات في القوانين والأنظمة ذات الصلة بالحقوق القضائية للمرأة على نحو يستهدف علاج بعض أوجه القصور التي قد تحد من إفادة المرأة من الحقوق المنصوص عليها شرعاً وقانوناً.
وقد عالجت (المؤلفة) بفكر عصري يتكئ على خبرة أكاديمية رصينة.. موضوع الكتاب من خلال بابين أساسيين، حيث تناول الباب الأول قضاء الأحوال الشخصية والمرأة في المجتمع السعودي، واشتمل على أربعة فصول جاءت على النحو التالي:
عرض الفصل الأول لتاريخ ونشأة وتطور حقوق المرأة، من خلال ثلاثة مباحث تناولت حقوق المرأة في الإسلام، جنباً إلى جنب مع حقوق المرأة في الاتفاقيات الدولية.
وناقش الفصل الثاني حقوق المرأة في النظام القضائي السعودي، من خلال خمسة مباحث تناولت حقوق المرأة في المحاكم وعند الترافع، وحقوق المرأة المتعلقة بعقد النكاح، وكذلك حقوق المرأة عند انتهاء عقد الزوجية، وحقوق المرأة عند التنفيذ، بالإضافة إلى مظاهر الخصوصية في المحاكم السعودية للمرأة.
وركز الفصل الثالث على مسألة الاختصاص القضائي النوعي لمحاكم الأحوال الشخصية الأحوال الشخصية وتنظيمها، وتضمن أربعة مباحث عرضت للمقصود بالأحوال الشخصية، ثم توضيح لمحاكم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية، وكذلك درجات التقاضي في محاكم الأحوال الشخصية في نظام القضاء السعودي، فضلا عن اختصاصات محاكم الأحوال الشخصية في نظام القضاء السعودي.
واهتم الفصل الرابع بمشكلات المرأة السعودية في مجال قضاء الأحوال الشخصية، من خلال مبحثين تناول الأول أنواع المشكلات التي تواجه المرأة السعودية في ميدان القضاء (عند المطالبة بالطلاق أو الخلع، والمشكلات المتعلقة بحضانة الأطفال، وتلك المرتبطة بالنفقة). بينما تناول المبحث الثاني معوقات التقاضي التي تواجه المرأة السعودية، وتتضمن: المعوقات الذاتية للتقاضي، والمعوقات الإجرائية والنظامية، بجانب المعوقات الاجتماعية.
أما الباب الثاني فعرض لدراسة ميدانية لواقع الحقوق القضائية للمرأة في بعض مسائل الأحوال الشخصية، وتضمن خمسة فصول جاءت على النحو التالي:
تناول الفصل الخامس المدخل إلى دراسة الحقوق القضائية للمرأة في مجال قضاء الأحوال الشخصية، من خلال أربعة مباحث عرضت لمشكلة دراسة الحقوق القضائية للمرأة في المجتمع السعودي المعاصر، والأهمية العلمية والتطبيقية لذلك، والأهداف المرجوة من وراء هذه الدارسة، إضافة إلى المفاهيم ذات الصلة بدراسة الحقوق القضائية للمرأة في مجال قضاء الأحوال الشخصية.
وتطرق الفصل السادس إلى الموجهات النظرية لدراسة الحقوق القضائية للمرأة في مجال قضاء الأحوال الشخصية، وتضمن مبحثين تناول أولهما النظريات المفسرة للحقوق القضائية للمرأة، بينما اهتم الثاني باستعراض الدراسات الميدانية والأبحاث التطبيقية في المجتمعات المحلية والعربية والعالمية المتعلقة بالحقوق القضائية للمرأة.
وحدد الفصل السابع الإجراءات المنهجية لدراسة الحقوق القضائية للمرأة في مجال قضاء الأحوال الشخصية، من خلال خمسة مباحث تناولت: نوع ومنهج الدراسة، وكذلك مجتمع وعينة الدراسة، وأداة جمع البيانات، ومتغيرات الدراسة وأساليب تحليل البيانات، فضلا عن مجالات وصعوبات الدراسة.
بينما تناول الفصل الثامن نتائج دراسة واقع الحقوق القضائية للمرأة,وأخيراً مناقشة التوصيات من منظور علم الاجتماع القانوني.
* الكتاب جاء بمحتواه الثري الذي ينطلق من المنهجية العلمية, والمفاهيم السوسيولوجية للباحثة، والأفكار الأساسية والمهمة لعلم الاجتماع القانوني.. مواكباً لرؤية المملكة الاستشرافية (2030) التي تضمنت أهدافاً ومبادرات وبرامج ومشاريع من شأنها النهوض بالمرأة وتمكينها في الحقوق والعمل والمجتمع.