د. فهد بن علي العليان
تأتي هذه الحروف معبرة - على تقصير - بكثير من التقدير والثناء عن أحد الذين أمضوا سنوات طويلة ثرية ومثرية في خدمة المكتبات في المملكة والعالم العربي، وأعني بذلك (د. عبدالكريم بن عبدالرحمن الزيد) الذي يشغل حالياً نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الرياض؛ حيث أعطاها وقته وجهده وخبرته في سنوات بنائها وطموحها حتى وصلت بمساعدته وقيادة ربانها معالي الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر؛ لتكون إحدى منارات الثقافة والمعرفة في العالم بما تتضمنه من محتوى ومشروعات ثقافية رائدة ورائعة.
يعد (د. عبد الكريم الزيد) أحد أبرز المتخصصين والمهتمين في مجال المكتبات؛ إذ حصل على شهادة البكالوريوس عام 1404هـ، في المكتبات والمعلومات من كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم نال شهادة الماجستير عام 1410هـ، في مجال المكتبات والمعلومات من جامعة وسكنسن بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم شهادة الدكتوراه عام 1416هـ، في مجال المكتبات والمعلومات من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ وبالتالي فهو أحد أبرز المختصين والمشتغلين في هذا المجال؛ إذ مارس العمل الأكاديمي في قسم المكتبات والمعلومات بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام، وفي أثناء ذلك وبدءاً من عام 1417ه، بدأ العمل بنظام الإعارة في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض نائباً للمشرف العام على المكتبة، بالإضافة إلى مشاركاته المتعددة وإسهاماته المتنوعة؛ حيث كان عضواً في مجلس إدارة جمعية المكتبات و المعلومات السعودية، وعضو اللجنة الاستشارية لواحة الملك سلمان للعلوم، وعضو اللجنة التحضيرية لندوة الإسلام و حوار الحضارات التي أقامتها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض عام 1423هـ. كما عمل عضواً في اللجنة العلمية للقاء الوطني الأول والثاني للحوار الفكري الذي عقد في الرياض ومكة المكرمة عام 1424هـ، كما أن له مشاركات متعددة في اللقاءات العلمية والثقافية والمؤتمرات والندوات المتخصصة، وله إنتاج علمي في مجال تخصصه، بالإضافة إلى إشرافه على عدد من رسائل الماجستير .
وأعود للحديث عن (أبو عبدالرحمن) الذي يمضي نهاره وليله مع الكتب والمكتبة، مع الاطلاع والنقاش، مع الأحاديث المفيدة والنزالات الثقافية الماتعة التي يتألق فيها بمعلوماته وإثرائه وثرائه. وهنا أقول بكل ثقة واطمئنان، إن كل الذين يلتقونه في مكتبه أو خارجه يخرجون - وإن طال الحديث وتشعبت مجالاته - بفوائد متنوعة؛ ذلك أن الرجل يملك خزانة معلومات في حقول معرفية متنوعة، امتلكها من اطلاعه على مصادر متعددة، ومن خلال لقاءاته بعلماء ومفكرين ومثقفين في داخل المملكة وخارجها.كما أزيد وأقول: إنه مشارك رئيس وفاعل في الإنجازات التي حققتها المكتبة خلال مسيرتها في العقود الماضية، فالناظر في مشروعات المكتبة الثقافية يجد أنه شارك ويشارك في صياغة بداياتها واستمرار حضورها، ويشمل ذلك مشروع موسوعة المملكة، ومشروع الفهرس العربي الموحد، وجائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة، والمشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب. كما أن الرجل طيب المعشر، متواضع بلا تكلف، يقود بمبدأ التفويض والمحبة، ويتمتع بعلاقات جيدة ومتميزة مع كثير من مثقفي المملكة والعالم العربي. ومن هنا، فإنه ليس غريبا أو مستغربا، أن يعرف المتعاملون مع المكتبة وكذلك زائروها اسمه ورسمه، وحضوره الفاعل في كل منتديات المكتبة؛ ذلك أنه - وبلا جدال - يعرف كل دهاليز المكتبة ومحتوياتها ومقتنياتها ومشروعاتها؛ وبالتالي لا أظن أن زائرا أو موظفا دخل مكتبه وخرج وهو ساخط أو غير راض؛ لأن تعامله الراقي يجعل كل الذين يردون عليه يخرجون وهم مرتوون من نبله وكرمه وأحاديثه العلمية الشيقة ومعلوماته الرشيقة التي أجزم لو أنه تصدى لها وجمعها في كتاب أو أكثر لكانت مصدرا جميلا نافعا للأجيال القادمة.
وأخيراً، فإنني أستطيع القول: إن أخانا الغالي وأستاذنا العالي (د. عبدالكريم الزيد) - وقد عرفته عن قرب، وأنست بالجلوس معه، وصحبته في السفر في لقاءات رسمية وعلمية- يبقى رقما مهما وعلامة بارزة في مسيرة المكتبات في المملكة والعالم العربي نظير تخصصه العلمي ودراساته، ونظير خبراته العملية الممتدة عبر عقود من الزمن في عالم المكتبات، فهو الذي يستريح مع الكتب، ويهنأ بالكتًاب ويحتفي بالمثقفين، ويدعم الكتبيين.