يُنسب البيتان التاليان في وسائل التواصل الاجتماعي لابن الإفرنجية الذي عاش في حلب في القرن الثامن عشر:
بدتْ شعرةٌ بيضاءُ في وسط لِمَّتي
فبادرُتها بالنتفِ خوفاً من الحتفِ
فقالت على ضعفي استطلتَ ووحدتي
رُويدَك بالجيش الذي يأتي من خلفي
وسبق لي أن بحثت حقيقة هذا الشاعر وما ينسب إليه من شعر، ونشرت مقالا عنه بعنوان (مطاردة شاعر في أزقة جوجل) في الجزيرة الثقافية بتاريخ 20 / 11 / 2020 ومجلة فرقد الإبداعية بتاريخ 28 / 11 / 2020 أوضحت فيه أن أبا عبدالله محمد بن أحمد الأنصاري المتوفى سنة 671هـ قد أوردهما في كتابه
(التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة) ولم ينسبهما لقائل.
ويبدو أن الشاعر حافظ عبد الملك لما عرف أن البيتين لمجهول غيَّر فيهما قليلا وادعاهما لنفسه، فقال:
ورائعة لما ألمَّت بمفرقي
تلقيتها خوف الفضيحة بالقطف
فقالت على ضعفي قويتَ وإنني
طليعة جيش سوف يأتيك من خلفي
ونُشرا في مجلة الزهور السنة الثانية يناير 1912ج9 ص480
وأورد معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين الأبيات التالية للإمام العماني سعيد بن أحمد البوسعيدي الذي تولى بعد أبيه سنة 1196هـ:
يا مَنْ هواه أعزّه وأذلّني
كيف السبيلُ إلى وصالِكَ؟ دُلّني
وتركتني حيرانَ صبّاً هائمًا
أرعى النجوم وأنت في نومٍ هني
عاهدتني أن لا تميلَ عن الهوى
وحلفتَ لي يا غصنُ أن لا تنثني
هبَّ النسيم ومال غصنٌ مثلُه
أين الزمانُ؟ وأين ما عاهدتني؟
جاد الزمان وأنتَ ما واصلتني
يا باخلاً بالوصل أنتَ قتلتني
واصلتَني حتى ملكتَ حُشاشتي
ورجَعتَ من بعد الوصال هجرتني
فلأقعدنَّ على الطريق فأشتكي
في زيِّ مظلومٍ وأنت ظلمتَني
ولأشكينَّكَ عند سلطان الهوى
لِيُعذبنَّك مثلَ ما عذَّبتني
ولأدعوَنَّ عليك في جُنْح الدجى
فعساك تُبلى مثل ما أبليتني
وقد ذكر سبط ابن الجوزي في (مرآة الزمان في تاريخ الأعيان 21 / 50-51) أربعة أبيات منها مع تغيير يسير فيها للوزير جمال الدين الأصبهاني (ت559) نظمها لمَّا حبسه أميره قطب الدين مودود، هي:
أين اليمين وأين ما عاهدتني
ما كان أسرع في الهوى ما خنتني
وتركتني حيران صبا مدنفا
أرعى النجوم وأنت ترقد ها هاني
فلأرفعن إلى إلهي قصة
إنسان مظلوم وأنت ظلمتني
ولأدعون عليك في غسق الدجى
فعساك تبلى بالذي أبليتني
ويبدو أن البوسعيدي تأسف أن تقال هذه الأبيات لسجان، فنظم على منوالها، وغير موضوعها إلى الغزل.
ومما ينسب خطأ للمتنبي:
أبلغ عزيزا ثنايا القلب منزله
أني وإن كنت لا ألقاه ألقاه
وأن طرفي موصول برؤيته
وإن تباعد عن سكناي سكناه
ولا تصح نسبتهما للمتنبي لما فيها من الركاكة وتكلف الجناس.
ونُسب إلى نزار قباني قوله:
عزَّ الورود وطال فيك أوام
وأرقت وحدي والأنام نيام
ورد الجميع ومن سناك تزودوا
وطُردت عن نبع السنا وأقاموا
وادعى مروجو هذه النسبة أنه قالها بمناسبة زيارته للمدينة المنورة، وأشار إلى هذا الخطأ زهير سالم في مقال له بعنوان (خطأ.. وما تتداولون ليس لنزار القباني) نشره في موقع مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية بلندن في 9 / 6 / 2019 فقال: «هذه الأبيات ليست لنزار القباني، لا موضوعيا ولا فنيا، بل هذه الأبيات لشاعر ملتاع بالحب الحقيقي؛ شاعر سعودي اسمه يحيى توفيق حسن، مثبتة في ديوان شعره منذ ربع قرن»..
ويقول أبو العتاهية:
حجبوها عن الرياح لأني
قلتُ: يا ريح بلغيها السلاما
لو رضوا بالحجاب هانَ ولكن
منعوها يوم الرحيل الكلاما
وينسبهما سليم العنجوري - واهما - لابن ماني ضمن مقالة جميلة بعنوان (انتقام النسيم) نشرها في مجلة الزهور السنة الرابعة مارس 1913 (مج1 ص14-15) وهو يقصد - دون شك - شاعر الغزل العباسي مان الموسوس.
وسبب خطأ العنجوري خبر طويل جاء في كتاب الأغاني (بولاق 20 / 85) نقله بنصه إبراهيم النجار - الذي جمع شعر الموسوس في الجزء الثاني من القسم الثاني في كتابه (شعراء عباسيون منسيون) ملخصه أن محمد بن عبد الله بن طاهر عزم على الصبوح وعنده الحسن بن محمد بن طالوت، فاقترح عليه أن ينضم لمجلسهم مان الموسوس، فأرسل صاحب الشرطة بطلبه، فلما أن جيء به أجلسه محمد، وأتى بجارية يقال لها (منوسة) فغنت:
حجبوها عن الرياح لأني
قلت يا ريح بلغيها السلاما
لو رضوا بالحجاب هان ولكن
منعوها يوم الرياح الكلاما
فقال ماني: ما كان على قائل هذين البيتين لو أضاف إليهما هذين البيتين:
فتنفستُ ثم قلت لطيفي
ويك إن زرت طيفها إلماما
حيِّها بالسلام سرًّا وإلا
منعوها لشقوتي أن تناما
فالبيتان اللذان أنشدتهما الجارية بادئ ذي بدء ليسا لمان، وإنما أضاف عليهما، فظن سليم أن الأبيات الواردة كلها له.
والبيتان موضع الإشكال لأبي العتاهية، وهما في ديوانه بتحقيق شكري فيصل (ص637)
وقد استشهد الفخر الرازي في تفسيره المعنون بـ (مفاتيح الغيب) على أعوان الشيطان بالبيتين التاليين، ونسبهما لأبي بكر الخوارزمي (323-387):
وكنت امرءًا من جند إبليس فارتقى
بي الدهر حتى صار إبليس من جندي
فلو مات قبلي كنت أُحسِنُ بعده
طرائق فسقٍ ليس يحسنها بعدي
ونسبهما موقع (الديوان) على الشبكة العنكبوتية - دون تحرٍّ - للأمير الصنعاني (1099هـ - 1182هـ)، وقد وجدتهما في شعر الخبز أرزي (ت 317) الذي جمعه إبراهيم النجار في (شعراء عباسيون منسيون) القسم الثاني ج 2 ص 380، وهما من قصيدة طويلة، وقبلهما:
ولم ينتفع بي غير إبليس وحده
وإن مت لم يظهر على غيره فقدي
** **
- سعد عبد الله الغريبي