فقد برزت الملاحق بفاعلية وتأثير في مسار الحراك الثقافي مع نشأة الجيل الأول من الأندية الأدبية في منتصف التسعينيات من القرن الهجري الماضي، ومنتصف السبعينيات من القرن العشرين.
وإذا كانت الملاحق الثقافية والأدبية أحالت الحراك الثقافي إلى نص مقروء، فإن الأندية الأدبية أحالت الحراك الثقافي إلى نص مكتوب ومنطوق، حيث ضجت منابر الأندية بالحراك الثقافي المنبري المتنوع والثري.
وقد تراجع كثير من الملاحق الثقافية، واختفى أغلبها بعد أن خسرت الصحافة الورقية الرهان أمام طغيان التقنية.
بيد أن ملحق الثقافية في جريدة الجزيرة ظل يمارس العزف المنفرد على وتر الثقافة والأدب، وسيظل متألقاً ما بقي الفريق الذي يقوده الكاتب إبراهيم التركي.
إن الأندية الأدبية وملحق الثقافية لا يتفقان في تجسيد الحراك الثقافي فحسب، بل يشتركان في تحقيق منتوج أدبي سيبقى خالداً، فالأندية أصدرت الآلاف من الكتب التي تعكس تحولات الإبداع والنقد.
وملحق الثقافية نجح في خلق ما يمثل منتوجاً أدبياً.
فهناك سلسة مقالات تشكل مادة لكتب ثرية كتلك المساحة من النشاط الأدبي التي غطاها الأستاذ محمد الرويلي في مدارات الثقافة العربية. وكذلك ملف الأدب السعودي الذي تكوّن من خمسة عشرة حلقة.
إن المادة الثقافية والأدبية التي تقدمها «الثقافية» كل أسبوع، تمنح الثقافة المحلية حضوراً جيداً في ذاكرة القارئ، وهو حضور يتسم بالشمول، ويتنوّع بين النقد والإبداع الشعري والسردي.
لقد نجح ملحق الثقافية في إنجاز عمل دائب ومتواصل من أجل ربط القارئ بالحراك الثقافي المتجدد، فأصبح فعل القراءة تالياً لفعل الوجود. والتقارب الزمني بين فعل الوجود وفعل التلقي يحرِّض على الحوار والجدل المثمر، حيث نقرأ مادة في عدد من أعداد الثقافية، ثم يصافح أسماعَنا صداها في عدد لاحق. وهذا يثري الحراك الثقافي، ويكشف عن وجوه متعددة للحقيقة. فحينما تلتقي أنا المبدع مع النحن القراء على صفحات الثقافية يتم التفاعل الثقافي الذي تحدثه هذه الأطراف التي تشكل جماعة المثقفين أوالمهتمين، فتصبح المجلة فضاء للحوار بين المنتجين للنصوص والمستهلكين لها.
وإن الذي يروم رصد تحولات الأدب في الوطن الغالي، وما تعرض له من متغيرات خلال العقدين الأولين من الألفية الثالثة، عليه أن يتابع هذا الإصدار الذي استمر عشرين سنة، فهونموذج مصغر يعكس النشاط الإبداعي والحراك الثقافي.
وإذا كانت التقنية سحبت البساط من الصحافة، فإن ملحق الثقافية استثمر التقنية لتوسيع دائرة القراء، إذ أصبح قراء الملحق ينتظرونه في تطبيق الواتس أب كل خميس.
شكراً لهيئة التحرير في جريدة الجزيرة، وللمشرفين على هذا الملحق الثري بمادته الثقافية والإبداعية.
** **
- د. حمد عبد العزيز السويلم