كانت المجلة «الثقافية»، وما زالت تشكل محوراً أساسياً في المشهد الثقافي السعودي، بل إنها بشهادة المنصفين منبر ثقافي سعودي أصيل، يتجاوز المحلية إلى معانقة رموز الثقافة العربية من خلال «الملفات» الاحتفائية الناضجة التي تسبر أغوار مسيرتهم الفكرية وتقديمه للأجيال بشكل جذاب من خلال أقلام المعاصرين لهم.
ومن خلال هذه الملفات «النوعية» في الاختيار والتناول بعيداً عن أوهام «التصنيف» استطاعت «الثقافية» أن تقود المشهد الثقافي المحلي، وتعمل بكل جدارة على ربط الأجيال المختلفة والمتنوعة في بيت ثقافي معتدل فكريا يسوده الحميمية والتواصل الحضاري الراقي ولا شك أن شخصية أستاذنا الدكتور إبراهيم التركي مدير التحرير والمثقف المعروف وعلاقاته النوعية بأوساط المثقفين في الداخل السعودي والخارج (الوطن العربي الكبير )كانت هي «الخلطة السرية» للطبخة الثقافية التي تقدّم بشكل أسبوعي جذاب، كما أن الداعم والمثقف الكبير رئيس تحرير صحيفة الجزيرة أستاذنا القدير خالد المالك صاحب الحس الثقافي كان « حجر زاوية» منح الثقافية حضوراً مميزاً وتقديراً خاصاً جعلها بحق «عروس الثقافة» السعودية، بل العربية من خلال مسيرتها الميمونة، فنحن اليوم نحتفل بذكراها الـ«700».
وفي الفترة من 1423 - 1426هـ ، إبان تشرفي بإدارة مركز حمد الجاسر الثقافي ، كانت « الثقافية تعنى بأخبار المركز وخميسية الجاسر الثقافية من خلال النشر والمتابعة والاحتفاء برواد الخميسية وما يطرح فيها من موضوعات ثقافية، كما أن رواد خميسية الجاسر كان لهم «نصيب» كبير من «الملفات» الرصينة التي تنشرها «الثقافية»، فأذكر على سبيل المثال لا الحصر، ملفات احتفظت بها في مكتبتي الخاصة منذ سنوات لمعالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر وزير الدولة والمؤرّخ المعروف وأستاذنا الشيخ عبدالله النعيم -حفظه الله - ومعالي الدكتور إبراهيم العواجي وكيل وزارة الداخلية الأسبق والشاعر المعروف ومعالي الدكتور أحمد الضبيب والدكتور عبدالعزيز المانع والدكتور عبدالله العثيمين -رحمه الله - وعبدالله الوهيبي - رحمه الله- وأستاذنا الشاعر سعد البواردي - حفظه الله.
في الختام تهنئتي الخالصة لأستاذي إبراهيم التركي صانع هذا الجمال وعرّاب هذا الحضور الثقافي المميز بفكره المعتدل وعلاقاته الفكرية المميزة التي تجمع ولا تفرق من اجل ثقافة أصيلة تؤسس لعقل عربي يليق بمستقبل الثقافة العربية.
** **
- سهم بن ضاوي الدعجاني