جابر محمد مدخلي:
يستطيع المرء أن يتكلم منذ سن الكلام حتى آخر يوم في حياته؛ فالحبال الصوتية قادرة على إمداده بما يجعل صوته مرفوعاً للأعلى، أو متدليًا حتامَ يظهر للناس كلهم ويغدو الصوت الأكثر بروزًا، ورواجًا.. إلا أنّ هذا كله لا يحدث لكثير من الناس وإن تكلموا بهذا القدر، وطوال هذا العُمر. هذه الكلمات هي أول ما تبادرت على ذهني فالتقطتها ودونتها في ورقةٍ خارجيةٍ فور أن انتهيت من فترة تحضيرية طويلة قضيتها مع أحد هؤلاء الذين أمتعونا بحبالهم الصوتية المتينة وربطونا بهم عبر قلوبنا قبل آذاننا، وشعورنا قبل إنصاتنا لهم. واليوم أعيد نشر هذه الورقة لتُعلِن أنّ السير على سطوح الشاشات ليس كالسير على سطح الأرض؛ لأن الشاشات ملساء وظهورك أمامها يحتاج منك إلى يدٍ صلبةٍ قادرةٍ على التشبث سريعًا أو الالتصاق للبقاء والتأثير والاستمرارية.
وهذه -كذلك- إحدى الخلاصات التي حزتُ عليها من سهرٍ طويلٍ مع مسيرةٍ طويلةٍ وقامةٍ إعلاميةٍ قضت حتى الآن أربعة عقود متصلة بمضخة إبداعية متصاعدة، وحبلٍ صوتيٍ متينٍ لم يفتُر ولم يترّهل، ولم يستسلم لتغيّر الألوان، أو تقلّب الأحوال، ولا تعدل قوانين التلفزة التي انتقلت طوال الأربعة عقود المنصرمة التي قضاها خلفها كثيرًا حتى غدت بحجم أيادينا نحملها حيثما ارتحلنا، ونشاهدها متى أردنا ليظهر لنا من خلالها إعلامي ربطنا بحبل إبداعه وتجدده وصار أحد أهم وأبرز الإعلاميين العرب.. إنه الأستاذ محمد رضا نصر الله الذي استنطق واستخلق داخلي كل ما مضى وكل ما هو آت في صفحات الثقافية التي تقف أمام مسيرته سعيًا منها في تقديمها للأجيال والدفع بها للبقاء داخل أروقة الإعلاميين الجدد ليعودا إليها متى أرادوا؛ لعلها تلهمهم فيجيء منهم من يصل هذا الجيل بماضينا التليد الذي استطاع (الإعلامي رضا) بسعيه الدؤوب ومشروعه المرئي التنويري أن يربطنا به ويبقيه على قيد الحياة ثقافياً، وإبداعيًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، وإنسانيًا. وحتى نستبين ضيفنا بشكل أوسع كان على الثقافية أن تدخل إلى تاريخ شاشته الخاصة، وتفتش في أوراقه، وأروقته وأزمنته ورفاقه الباقين منهم والراحلين.. وما كان عليّ يسيرًا بلوغ هذا إلا بتحويل كل هذا إلى حوار مترامي الأطراف لعلنا من خلاله نستوضح ما يمكن إيضاحه فإلى نص حوار الثقافية مع ضيفها الإعلامي محمد رضا نصر الله...
* بدءًا ترحب «الجزيرة الثقافية» بكم في هذا الحوار المفتوح على جوانب متعددة من تجربتكم، ومسيرتكم التي غدت ظاهرةً إعلاميةً عربية متفردةً، وتنتهز الفرصة لتبارككم بمحققاتكم ومنجزاتكم حتى ساعة هذا الحوار وما سيليه طوال عمركم...
- سعيد جدًا بمحاورتكم على صفحات المجلة الثقافية للجزيرة، هذه التي نَشرتُ فوق صفحات جريدتها بعض مقالاتي في بداية انطلاقي الإعلامي. وقد تحولت من الإصدار الأسبوعي إلى اليومي، عندما انتقلت في بداية السبعينات الميلادية. من مبنى مطابع المرقب إلى الناصرية، وقد سبقت جريدة الرياض في ذلك.
- في عام 1953م وتحديدًا في مدينة القطيف ولِد الإعلامي الأستاذ محمد رضا نصر الله، هو ذاته الإعلامي الظاهرة الذي أحاوره اليوم في عام 2021م وبين الولادة وهذا الحوار مسيرة ستة عقود ونيّف، فما أجمل ما حدث فيها؟
- لعل أجمل ما حدث لي بين ولادتي في القطيف سنة 1953م و2021م هو معايشتي التطور المثير الذي حدث في بلادنا، طوال هذه العقود القصيرة، وقد انتقلت الرياض ومعها مدن وقرى وهجر المملكة، من طور تاريخي إلى طور آخر أكثر تقدمًا.. خاصة بعدما نهجت الدولة تخطيطًا تنمويًا في انشاء البنية المادية التحتية منذ بداية السبعينات الميلادية، بعدما قفزت أسعار النفط في منتصفها، لتتشكل قوى اجتماعية جديدة، تعلم كثير من أبنائها وبناتها في جامعات العالم الأوروبي والأمريكي وهو ما تنعكس آثاره في جيل اليوم من الجنسين، وهو يدير المجتمع الجديد في المملكة، بكل اقتدار في عديد من المجالات.
* من –جريدة الرياض- وتحديدًا من زاويتكم فيها «أصوات» كاتبًا إلى رئاستكم لتحريرها ثمانية أعوام فقط، فهل وجدتم فرقًا بين الكاتب ورئيس التحرير يومها؟ ثم ماذا ستقترحون من حلول لو حدث وعُدتم لرئاسة تحرير إحدى الجرائد التي تصارع اليوم في معركتها الكبرى أمام تقلّص مبيعاتها –وربما إغلاق بعضها- في ظل استمرارية غزو الصحافة الإلكترونية، وبرامج التواصل الاجتماعي الأسرع في الخبر والمعلومة؟ وبرأيكم هل ستنقرض الصحافة الورقية –حقا- ذات يوم؟
- بدأت النشر في جريدة الرياض كاتبًا بعض المقالات الأدبية. ثم انضممت إليها سنة 1974م محررًا ثقافيًا إثر تعيين الأستاذ تركي السديري رئيسًا لتحريرها. وكنت وقتها قد عدت من أول رحلة ثقافية قمت بها إلى مصر، إذ ذهبت إليها صيف سنة 1974م بقصد الالتقاء بعملاقيْ الأدب الروائي والمسرحي توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وكانا يصطافان في مدينة الإسكندرية، وهناك داومت على حضور ندوة توفيق الحكيم، في كازينو بترو اليوناني يوميًا لمدة شهرين، بمشاركة أبرز أدباء مصر وكتابها وقتها (نجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس وحسين فوزي وإحسان عبدالقدوس وغيرهم). وقد استثمرت وجودهم اليومي في الندوة، بإجراء حوارات أدبية معهم. نشرها الزميل الكبير الأستاذ عبدالله الماجد. ثم بعد رئاستي القسم الثقافي في جريدة الرياض أصبحت كاتبًا يوميًا في الصفحة الأخيرة للجريدة بعنوان «رؤية» ثم واظبت أسبوعيًا على نشر مقالاتي في صفحة «حروف وأفكار» التي أشرفت عليها لسنوات، وقد كان أبرز كتاب المملكة ينشرون مقالاتهم فيها.
وفي سنة 1982م توليت والشاعر المعروف الزميل سعد الحميدين إدارة «الرياض الأسبوعي» الذي كان يصدر كل خميس.
أما لو قُيِّضَ وعدت للإشراف عليه مرةً أخرى. فإنني لن أتمكن من إدارته كما كنت من قبل سنوات بسبب ما حدث من ثورة معلوماتية متدفقة، في وسائل التواصل الاجتماعي، تكاد تقضي اليوم بوسائطها الإلكترونية على الصحافة الورقية في العالم. ما كنت أتوقع انفجارها بهذا الزخم الهائل في سنوات قليلة، رغم أنني كتبت عنها عدة مقالات في بداية الثمانينات الميلادية. حيث أصبحت المجتمعات والدول في العالم المتقدم، تدار وفقها بما أصبح يعرف بالقوة الناعمة (Soft Power).
* بين القناة السعودية وقناة MBC برامج متفردة، وتجارب متنوعة إلا أنّ المتابع لمسيرتكم سيجد نصيب الأولى أكثر بكثير من الثانية وتساؤلاتي هنا:
* هل ترون أنّ حال القنوات السعودية قديما كحالها اليوم، ثم ما أفضل الحلول من وجهة نظركم لمنحها سمة القنوات العالمية المؤثرة خارجيًا؟
* ما الذي فعلته برأيكم قنوات MBC –عربيا- لتحوز على كل هذه النجاحات المتصاعدة والمتماسكة والمستمرة؟
- في سنة 1978م طلب مني صديقنا الشاعر د. عبدالعزيز خوجة وكيل وزارة الإعلام للشئون الإعلامية -وقتذاك- تقديم برنامج ثقافي، وكانت المملكة عرفت حينها مستوى من الانفتاح، مع مجيء حكومة الدكاترة. وقد اشترطت عليه لتقديم البرنامج السفر إلى خارج المملكة، لمقابلة الأدباء والشعراء العرب في القاهرة وتونس والجزائر والمغرب ثم العراق وسوريا، وقد وافق د. خوجة بل دعم مبتغاي كل الدعم، فكان النجاح لبرنامج (الكلمة تدق ساعة) بإخراج الراحل سعد الفريح أبرع مخرج في التلفزيون، وقد فتح برنامج (الكلمة تدق ساعة) نوافذ المجتمع السعودي على تيارات الفكر والأدب الحديث، باستضافته أبرز منتجيه من مداولي الأفكار ومبدعي النصوص الشعرية والقصصية في العالم العربي والمملكة، دون أن تضع وزارة الإعلام قيدًا واحدًا على اختياراتي وحواراتي.
وفي سنة 1993م كلفت من قبل محطة mbc عبر الصديق الأستاذ إياد مدني تقديم حوارات مع مفكرين وأدباء، وكان العالم العربي يمر - آنذاك - في ذروة تألقه الفكري والأدبي. فاستمررت أقدم برنامجي (هذا هو) و(مواجهة مع العصر) بعد حرب الخليج الثانية، على امتداد خمس سنوات، مما كان له الأثر الإيجابي في محاولة تغيير التصور النمطي المقلوب، عربيًا وإلى حد ما عالميًا، باستضافة أبرز منتجي الأفكار ومبدعي النصوص في العالم العربي والعالم.. الاستشراق أنموذجاً في بعض أبرز رموزه (جاك بيرك وجيل كيبل وفريد هاليداي ومراد هوفمان وصموئيل هنتجتون وبول فندلي وبيدرو مونتابث والكسي فاسيلييف وفيتالي نعومكن).
* بين برنامجكم «الكلمة تدق ساعة» وبرنامجكم « خارج الأقواس» ثمانية برامج أخرى حفِلت بمسيرة إعلامية أراها اليوم ظاهرة عربية مرئية أينما حلّت أو ارتحلت.. فما أقرب برنامج لقلبكم، وذاكرتكم، وكيف أحدث هذا القرب؟
- قدمت عديدًا من البرامج الحوارية مباشرة وغير مباشرة على القناة السعودية لسنوات طويلة. فإضافةً إلى (الكلمة تدق ساعة) قدمت منذ 1997م عديدًا من البرامج. (وجهًا لوجه) و(ما بين أيديهم) و(مع المشاهير) و(هكذا تكلموا).
وعلى الهواء مباشرة قدمت إضافةً إلى (وجهًا لوجه) برامج (خارج الأقواس) و(ستون دقيقة سياسي) و(شئون الساعة) استضفت فيها المئات من السياسيين والمفكرين والأدباء والشعراء. وأحسب أن أرشيف التلفزيون ينطوي على مئات الساعات منها.
* «فقولوا لصاحبنا: يا رضا * تبسّم لسجن الزواج الظريف» إلى آخر ما قاله القصيبي –رحمه الله- واصفًا زواجكم يومها بأنه «خطوة انتحارية شجاعة» في ذات الليلة التي شهدت حسينية العوامي خلالها حضور كبير لكِبار معظمهم لم يعودوا بيننا... فبظنكم ما الذي فعله رضا ليجتمع مثل هذا الوفاء والحُب الكبيرين في حفل زفافكم الخالد؟
- صحيفة صبرة الإلكترونية وضعت بعد ذلك هذا العنوان (قمة ثقافية في عز الصحوة) لتغطية حفل زواجي في شهر ذي القعدة سنة 1405 هجرية، حيث لبى دعوة زواجي العديد من الأساتذة والزملاء على امتداد المملكة.
وقد أكرمني علامة الجزيرة ا لشيخ حمد الجاسر بالحضور، في اليوم الذي ذهب فيه إلى القصيم لعقد قران ابنه الصديق العزيز الأستاذ معن.! ورغم مشقة السفر من القصيم إلى المنطقة الشرقية عبر مطار الرياض، إلا أنه يرحمه الله أصر على أن يحضر مشاركًا حفل زواجي، وكان ذلك مدعاة بهجة وسرور لدى أسرتي بل مجتمع القطيف بأسره.
وكذلك حضر الحفل في حسينية العوامي كل من:
الشيخ سليمان السديري شقيق محافظ جدة قائمقام جدة وقتذاك الشيخ عبدالرحمن السديري والشيخ حمد المبارك وكيل وزارة المالية المساعد في المنطقة الشرقية والديبلوماسي والصحفي اللامع الأستاذ رضا لاري ود. عبدالله مناع رئيس تحرير مجلة اقرأ ومعالي الأستاذ إياد مدني مدير عام مؤسسة عكاظ الصحفية والأكاديمي البارز د. سعد البازعي ود عبدالله علي الدفاع والكاتب الوطني فهد العريفي وكاتب القصة المعروف محمد علوان وأحمد الغامدي مدير مطار الظهران وقتذاك و د. سعيد عطية أبو عالي مدير عام التعليم في المنطقة الشرقية ورجل الأعمال الشيخ زيد المليحي
ود. سليمان المحيا مدير مستشفى قوى الأمن وقتذاك صهر الشيخ حمد الجاسر والكاتب المعروف يوسف الكويلييت. والروائي البارز حسين علي حسين والشاعر والأديب المبدع حسن السبع والأستاذ إدريس الدريس والقاص أحمد الدويحي. وغيرهم كثر من نخبة أبناء المملكة الكرماء.
وفي المقدمة أسرة تحرير جريدة الرياض بقيادة زميلنا الراحل الاستاذ محمد أبا حسين نائب رئيس التحرير.
وقد ألقيت كلمات وقصائد.
افتتحها الأستاذ محمد الشريف محافظ القطيف، أعقبه الشيخ حمد الجاسر بكلمة، وأخرى للأستاذ محمد سعيد المسلم، ود. سعيد عطية أبو عالي برابعة.
وألقيت قصائد:
للشاعر الكبير محمد حسن فقي والشاعر محمود عارف عضو مجلس الشورى الأول. والشاعر د. غازي القصيبي والشعراء:
عدنان العوامي وعبدالله الشيخ جعفر وحسن السبع ومحمد الشماسي ومقطوعة للشاعر محمد سعيد الحشي.
وكذلك قصيدة مداعبة من الديبلوماسي الشاعر مقبل العيسى
رحم الله من رحل وحفظ الباقين.
* في برنامجكم «شؤون الساعة» استضفتم رئيس وزراء روسيا الاتحادية الأسبق يفغيني بريماكوف وقد لفت انتباهي حواركم الصريح معه حول قضايا عدة ولكن أكثر ما لفت انتباهي أمرين: افتتاحيتكم مقابلته بالحديث حول أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي تعصف بالعالم في كل ذكرى تردادها على الرغم من مرور أكثر من عشرين عاما عليها، والأمر الثاني حديثكم الطويل حول أحداث غزو صدام حسين للكويت.. وسؤالي هنا: عشتم خلال هاتين الأزمتين وأنتم في مجد مسيرتكم الإعلامية المستمرة بالأمجاد.. فبرأيكم هل استطاع إعلامنا العربي بوجه عام والخليجي بوجه خاص والسعودي تحديدا مواجهة هذين الأزمتين بنجاح واقتدار؟ وهل يحتاج إعلامنا اليوم لنقلات وتجديدات ليكون مستعدا لمثل هذه الأزمات مستقبلا –لا قدر الله-؟
- مقابلتي وزير الخارجية ومن ثم رئيس الوزراء الروسي يفغيني بريماكوف، ركزت على هذين الموضوعين، بوصفه خبيرًا عريقًا في قضايا الشرق الأوسط، منذ كان بين الخمسينات والستينات مراسلًا صحفيًا لجريدة البرافدا الشهيرة في القاهرة أيام الاتحاد السوفييتي، التي أهلته الدخول إلى معترك الحياة السياسية في بلده، قبل سقوط الاتحاد السوفييتي وبعده، رئيسًا للاستخبارات فوزيرًا للخارجية ثم رئيسًا للوزراء. قام خلالها بزيارة العديد من دول المنطقة والعالم، حيث لعب دورًا مهمًا برحلاته المكوكية إلى دول العالم، خاصةً أثناء غزو صدام حسين الكويت، والاحتلال الأمريكي بعده للعراق. فكان لا بد من التوقف في حواري معه طويلًا، أمام هذين الموضوعين المهمين المشار إليهما في سؤالكم.
أما إعلامنا فقد كان غير قادر على معالجة هذين الموضوعين المهمين المعالجة المأمولة، حيث تقلب صورة المملكة بجميع مكوناتها البشرية والحضارية والاقتصادية والسياسية، في المخيال الغربي الجاهز للتشويه المتعمد، منذ سنوات الحروب الصليبية، ثم تشكل الدولة الحديثة في المملكة التي اختزلت في الإعلام الأمريكي والأوروبي بثلاثي الخيمة والجمل وبئر البترول! هذا الموضوع وغيره أحسب أن إعلامنا ما زال حتى اليوم مقصرًا، في تصحيح هذه الصورة النمطية، لافتقارنا إلى الإعلام الثقافي والسياسي الذكي.
* مجلس الشورى وثلاث دورات متتالية قضيتم خلالها تحت قبّته اثني عشر عاما متصلة، فما الذي أعطيتموه للشورى، وما الذي أعطاكم طول هذه المسيرة، وما هي برأيكم المتغيرات البارزة التي طرأت على المجلس ابّان عضوياتكم الثلاث؟
- شرفت بعضوية مجلس الشورى لدورات ثلاث، منذ الدورة الرابعة حتى السادسة، حاولت من خلالها مطارحة الشأن العام، عبر تقديم العديد من المداخلات والتوصيات، حول حماية الوحدة الوطنية من العبث بمكوناتها، وكذلك حاولت بعد رئاستي لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار، تحريك ملف مجمع اللغة العربية المجمد، وكان قد تبناه قبلي استاذنا مالي د أحمد محمد الضبيب. وكذلك حاولت تفعيل دور الثقافة في سياستنا الإقليمية والدولية، بوصفها القوة الناعمة التي أصبح منظرو علم الاجتماع الثقافي العالم الحديث، يديرون حراكاته الاجتماعية وعلاقاته الدولية، عبر هذه القوة التي نَظَّرَ لها في العقود الأخيرة، جوزيف ناي المنظر الأمريكي وأستاذ العلوم السياسية البارز.
* تعملون بمنصب أمين عام الهيئة الاستشارية في وزارة الإعلام، فما المشاريع الإعلامية العملاقة التي تتمنون رؤيتها وتحققها على أرض وطننا الذي يحقق كل يوم منجزات عالمية، ومحلية جعلت منه ملهما وقدوة ومثلا لبلدان كثيرة تتمنى حذو حذوه؟ وهل ترون ضرورة اعداد جيل إعلامي وصحفي شبابيّ جديد يكمل هذه النهضة ويسهم في حمايتها في ظل تكرار الحملات الإعلامية العدائية العالمية ضد وطننا ورموزه بين مناسبة وأخرى؟
- بعد ضم قطاع الثقافة المتبعثر في كذا جهة حكومية إلى وزارة الإعلام، أثناء تولي د. فؤاد عبدالسلام الفارسي، طلب مني مساعدته. فاقترحت عليه هيئة استشارية برئاسته، وسميت لعضويتها عددًا مختارًا من أبرز الأكاديميين، والخبراء في قضايا التنمية الثقافية. منهم د. منصور الحازمي ود. أحمد محمد الضبيب ود. سعد البازعي ود. يحي الجنيد ود. عبدالعزيز المانع ود. نعيمان عثمان ود. محمد الرصيص وضياء عزيز ضياء ود. ناصر الحجيلان - الذي اقترحته وكيلًا لوزارة الثقافة على معالي صديقنا د. عبدالعزيز خوجة - التي شهدت الهيئة الاستشارية للثقافة في وزارته، نشاطًا ملحوظًا بعقدها الملتقى الثاني للمثقفين سنة 2011م، بعد عقد الملتقى الأول سنة 1426هـ في وزارة د. فؤاد فارسي. بدعوة أكثر من ألف مثقف في كل ملتقى، وتمت فيهما على مسرح مركز الملك فهد الثقافي، مناقشة كل متطلبات المجتمع الثقافي بالمملكة، وقد انتهت توصياته باقتراح استقلال الثقافة بوزارة، وكذلك صياغة استراتيجية وطنية للثقافة، مستخلصة من ورقات العمل المقدمة، في الملتقيين والمداخلات حوله، بحضور عدد من وزراء الثقافة والخبراء العرب في هذا المجال، حيث عرض لأول مرة فيلمان سينمائيان.
كما أن د. غازي القصيبي ألقى محاضرة بعنوان (ثقافة الثقافة) في الملتقى الأول، تركت أصداء واسعة على الصعيد الرسمي والشعبي.
كل ما ذكرت شكل قاعدة جاهزة لانطلاق وزارة الثقافة بهيئاتها المتعددة اليوم.