عثمان بن حمد أباالخيل
الإنسان يدور حول نفسه في دائرة مغلقة ما لمْ يقرر الخروج منها والسعي وراء تحقيق أحلامه وطموحاته وهذا سوف يحدث إن شاء الله إذا كانت إرادته قوية. الإنسان بدون إرادة مثل السفينة التي تدور حول نفسها حين يفقد القبطان البوصلة. أقتبس: (سقوط الإنسان ليس فشلاً، ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط) سقوط في اللغة كما تم ذكره في معجم المعاني الجامع.
إن الإرادة هي مصدر من العقل أراد ومعناها المشيئة أو العزيمة، وهي المقدرة في التصميم لكي يتم القيام بالتصرفات والأعمال. للإرادة تعاريف كثيرة منها: الإرادة «تصميم واع على أداء فعل معيّن ويستلزم هدفاً ووسائل لتحقيق هذا الهدف، والعمل الإرادي وليد قرار ذهني سابق. وهذا تعريف آخر للإرادة هي تلك القوّة الخفية القادرة على بعث روح القوّة والعزم والتصميم في شخصيتك.. فالإرادة ليست شيئاً مادياً، وإنما هي قوّة معنوية تبعث فيك روح القوّة. وهذا تعريف ثالث فقد يمكن القول بأن الإرادة تمثل قدرة الإنسان على أن يتخذ موقفاً يتعلق بحياته أو هي القدرة على أن يكيف علاقاته بالحياة على نحو معين والإرادة قد تكون مصدراً للتفاؤل بمستقبل الإنسان أو مصدراً للتشاؤم. جميع التعاريف تتفق على قوة العزيمة والتصميم على تحقيق الأهداف.
نصادف في حياتنا أناسًا يتسمون بالإرادة القوية وآخرين بضعف الإرادة. هل الناس يولدون أقوياء وضعفاء بالتأكيد لا هذا يعتمد على ما يلقونه من خبرات وما يخوضونه من تجارب وممارسات فيصبح أحدهم قوي الإرادة والآخر ضعيف الإرادة؟ القوة هي على الاختيار بين مجموعة من البدائل، كما أنها القدرة على التصرف في مواقف معينة بناء على قوة وضعف الإرادة. يتضح أن الإرادة هي سر النجاح وهي الحد الفاصل بين النجاح والفشل وشعار (إرادة صلبة لا تُقهر) هو شعار المتفائلين في هذه الحياة، فالتفاؤل يمنح صاحبه إرادة صلبة كالحديد، يجعل النجاح دوماً حليفه وهذا هو المتوقع. الفاشل هو الذي يستسلم للفشل ويقعده عن محاولة النهوض، أما الناجح هو الذي ينهض ليحتفل بنجاح الوصول إلى هدفه الذي حققه بالإرادة القوية. الإرادة تصنع المعجزات حين يجلس الإنسان مع نفسه ويتخيل تلك المشكلة التي هو فيها وكيف ستصبح حياته في حال تجاوزها وكيف سينعم بالاستقرار والحياة الجميلة الهادئة التي وصل إليها حين أراد ذلك وكل هذا بمشيئة الله سبحانه وتعالى.
إن من أصعب المواقف التي نسمعها من البعض هو الاستسلام والقول: (هذا خارج عن إرادتي) وهذا القول يعكر صفو الحياة ويجعل حياة الإنسان غير مستقرة وهذا مرده التردد في تحقيق الهدف أو الأهداف الشخصية ظاناً أنّ السُبُل المؤدية إلى ذلك الهدف محاطة بالمتاعب والأشواك وأن كل الطرق محاطة بالصعوبات مبررات غير مقبولة وتدل على الضعف وعدم صعود الجبال والحياة بين الحفر وصدق الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي حين قال:
وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَالِ
يَعِشْ أبَدَ الدَهرِ بَيْنَ الحُفرْ