سهوب بغدادي
(التسامح) اصطلاحًا يأتي بمعنى العفو عن الآخرين، وعدم مقابلة الإساءة بإساءة مثلها، والحرص على التمسك بالأخلاق، وفي حقوق الإنسان، يعد التسامح إحدى القيم المتعلقة بالحقوق مثل حرية التعبير عن الرأي، والمساواة أمام القانون، واحترام الأقلية، وحقوق الأسرى وعدم إلحاق الأذى بهم فالتسامح هنا يشير إلى تقبل اختلافات الصفات الإنسانية، والخلقية، والفكرية، والإقرار بحقوق جميع الأفراد مع اختلاف طوائفهم، واحترام آراء الآخرين وعدم التعدي عليهم.
من هنا تأتي أنواع التسامح ومنها الديني والذي يشمل التعايش مع جميع أصحاب الديانات السماوية، وعدم التعصب لهم أو حرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية، من ثم التسامح العرقي يعني تقبل الآخرين حتى مع اختلاف اللون، العرق والأصل، فيما يأتي التسامح الفكري والثقافي ويعني البعد عن التعصب لفكرة ما، والتزام الأدب الحواري والتخاطب أثناء الحوار، فضلًا عن التسامح السياسي ويشير إلى ضمان الحرية السياسية بمختلف أنواعها الفردية والجماعية ضمن مفهوم الأمن والأمان. من هذا النطاق ومرورًا بمبادئ اليوم العالمي للتسامح المنصرم والذي حل بتاريخ الـ15 من نوفمبر أطلق مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ملتقى حوارات المملكة الرابع في محاولة لإلقاء الضوء على دور الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع في تعزيز التسامح، من خلال نطاقات مختلفة من أبرزها دور الجهات الحكومية في تعزيز التسامح والتعليم والإعلام، مما ينعكس تباعًا بشكل مباشر أو غير مباشر على تقوية القيم الإنسانية وحماية النسيج الاجتماعي وتحسين الأبعاد التالية: الديني، والاجتماعي، والدولي. إن من أبرز أوجه التسامح ما تصدر له مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال جائحة كورونا وما قبلها، وفي ذلك أبعاد على تكوين وعكس الصورة الحقة عن الدين الإسلامي المعتدل وبلاد الحرمين، وبذلك تعزيز الهوية المرتبطة بنواحيه. علاوة على الأرقام المبشرة في نتائج مؤشر التسامح للعام 2019 في المملكة العربية السعودية التي أتت كالتالي: على الصعيد الاجتماعي سجل المجتمع السعودي ما يوازي 87.68 في المائة، وفي النطاق الاقتصادي 83.76 في المائة، أما في النطاق السياسي فسجلت نسبة 78.17 في المائة، في حين وجد أن المؤشرات المتعلقة بالبعد الديني أتت بنسبة 73.75 في المائة. فيما عكست المراحل العمرية المبكرة أعلى مؤشرات التسامح في سياقات متعددة وصولاً للأعمار المتقدمة -للاستزادة اطلع على تقرير التسامح الصادر من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني- ففي سياق متصل يبرز القرار الأخير بمنح الجنسية لعدد من الشخصيات البارزة في مجالات حية وحيوية حيث يتسق القرار مع منهجية التسامح الدينية والثقافية وغيرها. وهنالك برامج عديدة تسعى المملكة من خلالها لتعزيز ذات المفهوم الإنساني على سبيل المثال، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في النمسا، ومشروع سلام للتواصللحضاري. كما توجد العديد من الكيانات الفاعلة في المجتمع والتي تسهم بدورها في ذات النطاق بلغات أجنبية كمركز سعادة الدكتور خالد الدوسري الذي يعنى بتطوير القيادة العالمية الذاتية للتعريف بالإسلام، فضلًا عن تطوير اللغة الإنجليزية في السياق الإسلامي وجدارات التواصل الحضاري الفعال، حيث انطلق البرنامج الإبداعي من أرامكو ليشمل أعداد هائلة من الداخل السعودي والخارج، في دول عالمية وإقليمية. مثل هذه البرامج الطيبة وغيرها تستحق الإشادة والدعم والتعميم على أوساط المجتمع المختلفة لتعزيز المفاهيم الإيجابية والإنسانية لتحقيق مستقبل أفضل بإذن الله تعالى.