مها محمد الشريف
من الطبيعي القول إن الموضوعات المؤثرة في عصرنا الحالي مرتبطة بتعاظم سيادة العلم وإنجازاته المدهشة، فالأمر يتطلب معرفة أي بعد إضافي نأخذه في اعتبارنا بعد صدور الأمر الملكي بفتح باب تجنيس الكفاءات الشرعية والطبية والعلمية والثقافية والرياضية والتقنية، وذلك ما ذكره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- بأنه «يسهم في تعزيز عجلة التنمية، ويعود بالنفع على الوطن في المجالات المختلفة»، ويأتي ذلك تماشياً مع رؤية 2030 «الهادفة إلى تعزيز البيئة الجاذبة التي يمكن من خلالها استثمار الكفاءات البشرية واستقطاب المميزين والمبدعين».
هذه كلها سمات مميزة يأتي دور توظيفها كنموذج والاستفادة منه، ومنح الجنسية السعودية لخبراء طاقة وشخصيات دينية وطبية وتعليمية، قائمة ضمت علماء صادقوا على وثيقة مكة، وأطباء في تخصصات دقيقة، حيث شكّلت «وثيقة مكة المكرّمة» التي وقّعها 1200 مفتٍ وعالم في البقاع الطاهرة جوار الحرم المكي الشريف دستوراً تاريخياً لإرساء قيم التعايش بين أتباع الديانات والثقافات والمذاهب المختلفة.
يبدو جلياً أن هناك حيازة للمهارة واتجاهات تحديثية لامتيازات متوافقة مع سياسة المملكة وقرار التجنيس ليس بجديد على السعودية، بل هو موجود منذ عهد المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز، الذي منح الجنسية للعديد من الشخصيات والخبرات أصحاب الكفاءات، وجميع ملوك المملكة منحوا الجنسية للعديد من الأشخاص.
ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للمؤتمر عززت الارتقاء والتطور ونتج عنه تلك الوثيقة، فالدعم الكبير الذي توليه المملكة وقيادتها للعمل الإسلامي المشترك يعمّق مزيداً من الوئام والتعاون بين علماء الأمة الإسلامية لتحقيق الأهداف والتطلعات بما تمثله المملكة العربية السعودية من مرجعية إسلامية تعقد عليها الآمال وتتأسس عليه روح التعاون والترابط.
في ضوء ما سبق ليس من المستغرب إذن أن تكون أعظم الحقائق على الإطلاق هي التعايش والتعاطي معه في الحياة بكل ما فيها من أحداث، فالبحث عن المفاتيح المفقودة تحت ضوء شعاعه مستمد من حِكمة البصيرة، يثمر عن تناسق داخلي، ويوضح بكل تأكيد أعمق المفاهيم، التي أقرت في مايو من العام 2019 نظام الإقامة المميزة ضمن رؤية المملكة 2030، الذي يمنح المستفيد عدداً من المزايا مقابل رسوم تدفع مرة واحدة للحصول على إقامة دائمة، أو سنوياً مقابل الحصول على إقامة مؤقتة مع المزايا ذاتها.
وعلى هذا بينت القوائم الأولية للممنوحين الجنسية السعودية بعد صدور الموافقة الملكية كل المجالات الحيوية التي من شأنها أن تسهم في إنعاش الوسط المحلي السعودي بإنتاجاتهم وجهودهم في تخصصات مختلفة، وهو ما مكنها بقدر ملحوظ للتميز وذلك بالإضافة إلى جهودهم النوعية طوال عقود من تاريخهم العلمي والعملي التي أهلتهم لبلوغ درجة علمية لأصحاب الكفاءات والخبرات.
ومن المناسب إلقاء بعض الضوء على الأسماء التي مُنحت الجنسية السعودية لـ27 اسماً متميزاً وتخصصاتها المتنوعة، حيث تنوعت جهودهم بين اهتمامات في الفكر الديني والقطاع الطبي والوسط التعليمي والأكاديمي، إذ إن كل شيء في الكون يمكن أن يكون مدهشاً لأي شخص متى ما عمل فيه بالقدر المناسب من التفكير وشغف العلم، ومن هنا نرى أن التناغم بين الفرد والعالم بالتأكيد له جوانب إيجابية يستحقها كل من قدم فروقات حقيقية لواقع أفضل، الأمر الذي يفعم الروح بالبهجة والفخر في خضم تطورات الذكاء الاصطناعي والثورة المعلوماتية والرقمية التي أصبحت معلماً مهماً في بواكير القرن الواحد والعشرين.
وعلى نحو نموذجي متواتر تميزت الشخصيات الدينية والأكاديمية التي أسهمت في رفد المكتبات بعدد من الإنتاجات والمؤلفات والبحوث في العلوم الشرعية والتاريخ الإسلامي، فجاءت هذه القرارات في عام 2016 عندما ولدت رؤية المملكة 2030، باستقطاب الكفاءات من كل العالم ومنحهم الجنسية السعودية، رؤية ستظل تشغل حيزاً عظيم الأهمية في العقود القادمة من مسيرة التطور.