عبد الله سليمان الطليان
الذكاء والغباء صفتان موجودتان لدي جميع البشر، الذكاء هو قدرة الإنسان على الفهم والاستنتاج والتحليل والتمييز بقوة فطرته، أما الغباء فهو عكس الذكاء وهو عدم الفطنة التي تعني عدم التبصر وقلة بعد النظر ونقص الحكمة، من خلال هاتين الصفتين نجد أن هناك تفاوتاً في المستوى لمن يتصف بهما، وتحددهما بطبيعة الحال المواقف المختلفة قوليه وفعلية التي تعطي الصورة الحقيقة عن الإنسان وتعامله مع هذه المواقف
هناك العديد من الدراسات والأبحاث النفسية الغربية التي اهتمت بدراسة الذكاء تحديدًا منذ فترة طويلة كانت في بدايتها تركز على التفوق الدراسي ولكنها توسعت بشكل كبير لتشمل جوانب عدة مثل الجانب الاجتماعي والثقافي والاقتصادي كان لبعض النتائج منها آثار على الواقع الإنساني عامة، وخاصة بعد ظهور كتاب داروين (أصل الأنواع) التي أثرت فب نحو كبير في الفكر الفلسفي الغربي, المعروف أن داروين ذكر في كتابه أن صفات جميع الكائنات تنتقل بالوراثة، وأن (الطبيعة) لديها آلية لاختيار الأفراد الذين يبقون على قيد الحياة لمدة أطول وهي (الانتقاء الطبيعي) بحيث إن الأفراد الأكثر قدرة على التكيف وتحمل الضغوط لديهم فرصة أكبر للبقاء على قيد الحياة، وبالتالي لتوريثهم جيناتهم إلى نسلهم، مما يؤدي بالتالي إلى تزايد فرص البقاء لهذه الصفات التي مكنت الكائن الحي من البقاء، وإلى إمكان توارثها جيلاً بعد جيل، وهو ما يؤدي إلى ما يعرف ببقاء الأصلح، وهكذا يصبح الصراع من أجل البقاء - وفقا لهذه النظرية وهو المبدأ الحاكم للحياة، والمحرك للعلاقات بين أفراد النوع الواحد، ويصبح الفرد القادر على البقاء هو القادر على توريث خصائصه الوراثية لأجيال لاحقه.
ومن خلال تلك النظرية ظهر ما يعرف بالداروينية الاجتماعية أو تطبيق مبادئ التطور العضوي - البيولوجي على المجتمع، التي تبناها أبرز علماء الاجتماع في فترة ما، من أمثال هربرت سبنسر في إنجلترا، ووليام غراهام سمنر في الولايات المتحدة.
اعتبر الداروينيون الاجتماعيون أن القوة المحركة للنمو والتقدم في مجتمع هي الصراع بين الأفراد على الموارد المحدودة، وكما هي الحال في التطور البيولوجي عند داروين يؤدي هذا الصراع في المجتمعات البشرية إلى فرز الأفراد الأقوى والأكثر صلاحية للبقاء من أولئك الضعاف ذوي الفرص المحدودة في الحياة، وعلى هذا الأساس تمثل هذه الفكرة أساسا لفكرة الحرية الفردية الكاملة. لقد قدمت أفكار الداروينية الاجتماعية تبريرًا علميًا للاتجاهات السياسية المحافظة، وساعدت على تسارع النمو الرأسمالي في بريطانيا والولايات المتحدة في نهاية القرن التاسع عشر، ومع اتساع تلك الأفكار وانتشارها في بريطانيا، أخذت الدراسات تتحول إلى طابع علمي من خلال قياس قدرات الإنسان، وهل اعتبار الذكاء وراثيًا؟ واتجهت إلى البحث عن مقياس الذكاء عبر دراسة المظاهر والمؤشرات الجسمية ولعل التركيز كان منصباً على المخ وتكوينه وكان من أبرز من اشتهر بهذا الأمريكي صامويل مورتون والفرنسي بول بروكا الذي أنجز عملاً كبيرًا وذلك بتحديده المنطقة المخية المسؤولة عن فهم اللغة في النصف الكروي الأيسر من المخ، ولقد أسس هذا العالمان في وقتهما علم قياس الجمجمة حاولا من خلاله إيجاد علاقة بين حجم الجمجمة أو وزن المخ من ناحية والذكاء من ناحية أخرى. وحازا على مكانه علمية كبيرة في وقتهما، إلا أن عملهما شابه الكثير من القصور المنهجي الذي يعكس (وهو الأخطر) التحيز العنصري حيث يرى أن البيض من الجنس القوقازي لهم دماغ أكبر ومخ أثقل وهم بالتالي أكثر ذكاء من الأجناس الصفراء والسوداء، ولقد تعمد هذا العالمان التلاعب بالنتائج في البحث، لكي تبدو مؤيدة لافتراضاتهما القبلية عن تفوق الجنس الأبيض.