علي الخزيم
فوجئ الدبلوماسيون بقاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً بديناصور ضخم ظريف يقطع اجتماعهم ليس بنية العدوان؛ بل هذه المرة لهدف نبيل ووجيه جداً حيث نبَّه الجميع - من واقع خبراته عبر ملايين السنين - إلى مخاطر حرق الوقود الأحفوري وتسببه بتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، ولم يكن الحيوان الجسيم مُنبعثاً من طيات التاريخ وركام السنين، بل إنه قد صُمِّم بمركز حاسوبي تابع للجمعية الأممية ليتم التحذير من خلاله وبتأثير أبلغ إلى مخاطر المؤثرات على المناخ والتعامل مع ظاهرة الاحتباس الحراري وما يجب عمله لتدارك العواقب! وان كان المخلوق المُنقرض قد فاجأ الحضور الأممي لبرهة وربما أخاف بعضهم لبضع ثوانٍ؛ فإن البرلمانيين في إحدى المقاطعات الإسبانية قد دخلوا أثناء جلسة لهم بحالة من الفوضى والهلع حين اقتحم فأر خفيف الظل جلستهم ودفع بعض (الرجال الدبلوماسيين) للوقوف على الكراسي إلى أن تكرَّم بإعلان انسحابه مشكوراً، وبعد أن لقَّنهم درساً بأن القوة والبَسَالة لا تقاس دائماً بالحجم؛ فقد تكون الاعتبارات أحياناً لمعايير أدق، وإن كان هذا القلق والارباك قد طال مجموعة من المجتمعين ببقعة محدودة؛ فإن خنفساءً قد أرعبت دولة بكاملها! ذلكم أن دوائر مكافحة الآفات الألمانية ساورها القلق بعد اكتشاف خنفساء تنتسِب لليابان بالقرب من حدودها، ومن المدهش أن مركزاً للأبحاث هناك قرر أن تلك الخنفساء الغَازِيَة ذات شهية شرهة؛ ولعدم توفر كائنات مناسبة لمذاقها بألمانيا فإنها يمكن أن تلتهم أكثر من 300 نوع من النباتات والخَشَبِيَّات وتتسبب بأضرار بيئية واسعة، واللافت أن المختصين هناك دعوا المواطنين للعمل على الحد من تحركات الخنفساء (مفتوحة الشهية) والإبلاغ عن أماكن تجمعاتها لإحباط خططها الهجومية الشرسة!
وأوائل أكتوبر المنصرم رُصِد بشواطئ السعديات بدولة الإمارات ثعابين بحرية لطيفة ليِّنة الملمس ومسالمة بالتعامل معها عن بعد؛ غير أن هيئة البيئة هناك قد حذَّرت من أنها تَفِد بهذه الأوقات للسواحل للتكاثر وطلب المناسب من الغذاء، وأنها وإن بَدَت مسالمة فإنها أشرس ما تكون حين استفزازها، وإذا كانت هذه الثعابين تدلف إلى الشواطئ الضحلة للتكاثر وحماية جنسها من الانقراض؛ فإن سحلية قزمة طولها (18 ملم) تُعدّ من أصغر السحالي عثر عليها بالجزر العذراء بالمحيط الأطلسي وقرر الباحثون أنها وإن كانت جميلة لطيفة ومسالمة إلَّا أنها تعيش مرحلة الانقراض وانقطاع السلالة من الكرة الأرضية، ومع الحزن على وضع هذه السحلية؛ فإني أتذكّر مقطعاً مصوراً لمجموعة من (السِّخال) وهي صغار الماعز بمنطقة باردة بأوروبا وقد ألبسها الراعي بيجامات وألبسة تقيها من الصقيع، فيا ليت راعياً رحيماً يلتفت لتلك السحالي، وبمناسبة الحَذَر فإن البعض تستفزه الذبابة حين تَحُطّ بقربه وتأخذ بفرك قوائمها وكأنها تستعد لعمل إجرامي أو هجوم خطير، لكنها بكل بساطة تُمارس ما جُبلت عليه وبما وهبها الخالق سبحانه؛ فهي بحركتها تلك تختبر نوع الطعام الذي تنوي التقدم إليه؛ هل هو مما يناسب مذاقها ومزاجها أم أنه ضار بها؟! فهي تملك مُستشعرات عن بعد بيديها وأماكن متفرقة بجسمها تدلها على ذلك، سبحانك ربي ما أعظمك!