«الجزيرة» - سعد المصبح:
رفع الدكتور عبدالعزيز السبيل؛ رئيس مجلس أمناء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، الشكر والتقدير إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع -رعاه الله-، على إعادة الثقة في مجلس أمناء المركز، والتجديد له.
وقال خلال كلمته الافتتاحية «لملتقى حوارات المملكة الرابع»، الذي نظّمه المركز بمقره بالرياض أمس الاثنين، بحضور الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان؛ الأمين العام للمركز، وعدد من أعضاء المجلس، وبمشاركة عدد من أصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة: إن هذا التشريف والتكليف يضع أمام المجلس مسؤوليات كبيرة للعمل على تحقيق التوجيهات السامية الكريمة، مقدماً التهنئة للزميلات والزملاء أعضاء المجلس، ومرحباً بالعضوين اللذين انضما للمجلس في هذه الدورة، وهما الدكتورة أفنان الشعيبي، والدكتور نعمان كدوة.
كما رحّب بأصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة وبالمشاركين كافة في فعاليات النسخة الرابعة من «ملتقى حوارات المملكة» الذي يقام بالتزامن مع اليوم العالمي للتسامح، والذي يمثل قيمة إنسانية كبرى دعت إليها جميع الشرائع السماوية، وأكدتها القرارات الدولية، كما عملت المملكة عبر أجهزتها الحكومية، ومؤسساتها التعليمية، ومنظماتها المجتمعية على تأصيل هذه الفضيلة العليا، التي أكدها القرآن الكريم، وحثت عليها السنة النبوية الشريفة.
واستعرض السبيّل دور المركز كإحدى مؤسسات المجتمع الوطنية المعنية بغرس القيم الإسلامية والإنسانية في المجتمع، وترسيخ قيم التسامح والتعايش، واحترام وقبول الآخر، موضحاً أن المركز أولى منذ تأسيسه أهمية كبيرة لهذه الفضيلة، فجعله أحد أهدافه السامية التي يسعى لتعزيزها لدى أطياف المجتمع كافة عبر تنظيم وإقامة العديد من الفعاليات والبرامج والمشاريع، معرباً عن أمله بأن يحقق الملتقى الأهداف المنشودة بتعزيز التسامح والتعايش والتلاحم والانفتاح على المجتمعات والثقافات الإنسانية، بما يحقق النفع العام للوطن أولاً، وللمجتمعات الأخرى ثانياً. وسلّط الملتقى الضوء على جهود المملكة في ترسيخ قيم التسامح داخل المجتمع.
كما استعرض دور الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع في تعزيز هذه الفضيلة، إضافة إلى بعض التجارب العالمية والمقاربات بين الشعوب لنشر التسامح، باعتباره أحد الأسس الرئيسة للنهوض بها وتحقيق التنمية والتطور الذي تسعى له.
وشهدت فعاليات الملتقى إقامة ثلاث جلسات حوارية، تناولت الجلسة الافتتاحية التي أدارها الدكتور إبراهيم أبو ساق، «البعد الديني والاجتماعي والدولي لتعزيز المشتركات الإنسانية وآثارها على الصورة الذهنية للمملكة»، وقد تحدث في هذه الجلسة كل من: معالي الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد الأمين العام لهيئة كبار العلماء، ومعالي الدكتور فيصل بن عبدالرحمن بن معمر المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، والمشرف العام على مشروع سالم للتواصل الحضاري ومعالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخيال نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان.
وقال معالي الشيخ الدكتور فهد الماجد الأمين العام لهيئة كبار العلماء، مشيراً إلى أن السماحة هي أولى صفات الشريعة وأكبر مقاصدها، والتي تدعو إلى التسامح بين البشر جميعاً في جو من الإخاء والتعاون، بغض النظر عن جنسياتهم وأعراقهم ودياناتهم وثقافاتهم.
وبيّن معالي الدكتور عبدالعزيز الخيال نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان، أن المملكة أولت أولوية قصوى لقيم حقوق الإنسان، إيماناً منها بما كفلته الشريعة الإسلامية من مبادئ وقيم سامية تحمي الحقوق والحريات المشروعة.كما استعرض معالي الدكتور فيصل بن معمر المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ومشروع سلام للتواصل الحضاري تجربة المملكة وجهودها في ترسيخ قيم التسامح منذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده، وأوضح أن المملكة ضربت أروع الأمثلة في تعزيز قيم التسامح، موضحاً أنها قدمت الكثير من التجارب والمبادرات التي تخدم هذا الهدف، أبرزها داخلياً إنشاؤها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، أما على المستوى الدولي، فتأتي تجربة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان، الذي سعى ببرامجه وتطبيقاته التدريبية ومنصاته الحوارية العالمية إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش وبناء السلام بين أتباع الأديان المختلفة ونبذ التطرف والكراهية فيما بينهم.
فيما ناقشت الجلسة الأولى التي أدارتها الأستاذة صيغة الشمري «دور الإعلام في تعزيز منظومة القيم الإنسانية»، وتحدث فيها كل من: سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة رئيس هيئة الصحفيين السعوديين ورئيس اتحاد الصحافة الخليجية، والدكتور عثمان الصيني رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية عضو مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين.
وتحدث الأستاذ خالد المالك مؤكداً أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً في تعزيز ثقافة التسامح والتعايش، والتي بدورها تزيد من فرص التعايش والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد.
وأشار المالك إلى الدور الكبير الذي يضطلع به الإعلام في إيصال صورة المملكة الحقيقية وإبراز المنجزات الوطنية، مؤكداً أهمية الوعي المجتمعي بدور الإعلام في تعزيز الدور الداخلي والخارجي للمملكة عبر التمسك بالثوابت والقيم الإسلامية والوطنية وتغليب المصلحة العامة للوطن.
كما أكد دكتور عثمان الصيني أن وسائل الإعلام شريك استراتيجي في نشر وبث روح التسامح والإخاء، مشيراً إلى أن مسؤولية الإعلام كبيرة في الترويج لمفاهيم ومبادئ التسامح والحق في الاختلاف، نظراً لامتلاكها وسائل التأثير على المجتمع.
أما الجلسة الثانية التي أدارتها الأستاذة كريمة آل مسيري، فتطرقت إلى دور التعليم في تعزيز القيم الإنسانية وحماية النسيج المجتمعي، وقد تحدث فيها كل من: سعادة الدكتور محمد بن إبراهيم العضيب وكيل وزارة التعليم للتعليم الجامعي، وسعادة الدكتورة شيرين بنت عبدالرحمن العوفي مستشار بوكالة الوزارة للتعليم العام، والدكتور سامي بن عبدالعزيز الشويخ المشرف العام على مركز تطوير المناهج، أكد فيها دكتور العضيب حرص الوزارة والجامعات الحكومية والأهلية كافة على تتبع السياسات والتوجهات العليا كافة لهذه الدولة المباركة، ومن تلك التوجهات العامة سعي القيادة الحكيمة إلى بناء جيل مستقبلي مشبع بثقافة التسامح والتعايش السلمي مع المجتمعات والأعراق والأديان كافة.
وقال دكتور الشويرخ: إن أهم ما يساعد على ترسيخ قيم التسامح وتحصين البلاد ضد الفتن وجود تعليم ومناهج تعليم ترسخ هذه القيم وتصونها من جيل إلى جيل.
وأكد الشويرخ أن التعليم هو الذي يصوغ الفكر ويصنع عقول الشباب، وبالتالي يحدد اتجاهات وسلوك هذا الشباب، فكل سلوك وكل اتجاه أساسه الأول ما يتعلمه الشباب في المدارس وفي غير المدارس.
من جهتها، أوضحت سعادة الدكتورة شيرين مستشار بوكالة الوزارة للتعليم العام أن التعليم يعتبر أحد أهم أسس المشروع التربوي الهادف إلى ترسيخ قيم التسامح.
وشهدت فعاليات الملتقى إعلان المركز عن إطلاق مؤشر التسامح في نسخته الثانية التي سيبدأ الباحثون بالعمل عليه في 13 مدينة و28 محافظة و46 قرية في جميع مناطق المملكة، حيث تم العمل على تطوير هذا المؤشر وإعادة بناء بعض أبعاده وفقاً للتغيرات الاجتماعية التي حدثت، وباتباع أفضل الممارسات الدولية الحديثة في قياس التسامح.
يذكر أن تنظيم الملتقى جاء تزامناً مع اليوم العالمي للتسامح الذي يشكل إحدى أهم القيم التي يعمل المركز على تعزيزها وترسيخها بين أطياف المجتمع كافة، ليكونوا نسيجاً واحداً ضد كل ما يهدد تلاحمهم وتماسكهم، كما جاء تنظيم الملتقى استمراراً للأعمال والأنشطة والفعاليات التي ينفذها المركز لترسيخ وتعزيز هذه الفضيلة الأخلاقية، لما لها من أثر بالغ في بناء السلم الاجتماعي، من خلال التأكيد على أهمية احترام الاختلاف والتنوع بين أبناء المجتمع.