نجلاء العتيبي
العقل أم العاطفة أيهما يغلبُ على الآخر؟
وهل للإنسان قدرة على تحديد خياره ومعرفة أسباب ذلك؟
لكل سلوك محرك يدفعهُ، يظهره.
هل نتخذ قراراتنا بناء على ما نشعر به أم ما يمليه علينا المنطق أو نتوسط بينهما؟
هل نأخذ التعليمات من الدماغ أم من القلب؟
وما هي الطبيعة البشرية؟!
أغوص في هذه الفكرة بين الإنسان وكيمياء دماغه، أبحث عن التحليل العلمي الذي يوضحُ ما نجهل..
نُبحر لنعرف..
سبحان الخالق ما أعظم صنعه.
الدماغ الجزء الأكثر تعقيداً وحساسية.
هذا العضو المهم هو مركز التحكم في الجسم، الحركة، الكلام ومخزن الذكريات.
الإنسان مجموعة من العواطف المتداخلة وكل أفكاره، أحاسيسه، أنانيته، مشاعره، وتصرفاته هي نتيجة للإشارات التي تمر عبر خلاياه العصبية.
نجد التفسير الأفضل والأدق للحقائق التي نبحث عنها في النظريات العلمية.
- دكتور نايف الروضان «عالم الأعصاب الشهير الباحث والفيلسوف في الجيوستراتيجية» قدّم نظرية عظيمة:
«استنادًا إلى دراساتي لعلم الأعصاب وأبحاثي في دماغ الإنسان وكيميائيته، أعتقدُ أنه بات من الممكن اليوم -أكثر مما سبق - فهم الإنسان جيدًا ومعرفة عواطفه ودوافعه وتفسير نواياه ومحفّزاته. على ذلك، حاولتُ المزج بين علم الأعصاب ونيورو- كيميائيات الدماغ مع الفلسفة التحليلية لطبيعة البشر وسلوك الأفراد والجماعات والدول. ومن هذا النسيج قدّمت نظريتي التي أسميتها «الأنانية العاطفية الفاقدة للحس الأخلاقي» (emotional amoral egoism) كمحاولة لتفسير طبيعة الإنسان والأسس الأخلاقية فيه، وعلى ضوئها يمكن فهم الحكم السياسي المناسب لطبيعة الإنسان. هذه النظرية تقوم على ثلاثة مبادئ تشكل الطبيعة البشرية وهي: العاطفية، وفقدان الحس الأخلاقي، والأنانية. المبدأ الأول يحاول أن ينفي الأساطير الرائجة في الفكر الفلسفي بأن الإنسان كائن عقلاني، وهو الأمر الذي جعل العاطفية في نظر الفلاسفة مصدرًا للضعف والخلل في اتخاذ القرارات، وسادت على إثر ذلك نظرة سوداوية عن العاطفة منذ أفلاطون الذي كان يرى السيطرة العقلية أمرًا مثاليًّا، وصولًا للفيلسوف الألماني إيمانويل كانط الذي تعلق واحتفى طويلًا بامتيازات العقل الإنساني».
إنني أحاول أن أؤكد أن «العاطفة» تخترق عمليات التفكير العقلاني ومسائل اتخاذ القرار، فالإنسان عاطفي أكثر من كونه عقلانيًّا، والعاطفة فيه هي الأصل لا الاستثناء، وقد لوحظ أن المصابين في أجزاء الدماغ المسؤولة عن العاطفة أصبحوا يواجهون صعوبات في اتخاذ القرارات الصائبة رغم سلامة الأجزاء الدماغية الخاصة بالتعقّل. أما المبدأ الثاني فيقوم على فقدان الحس الأخلاقي للإنسان، وهي ركيزة في الطبيعة الإنسانية؛ إذ إن الاعتقاد السائد هو أن الإنسان لا يرث الخصال، لا الإيجابية ولا السلبية، إنما يُولَد فاقدًا كليًّا للحس الأخلاقي؛ لذلك أُعارِض الفيلسوف الإنجليزي جون لوك الذي يرى أن الإنسان صفحة بيضاء كاملة تُكتب وتُملى أخلاقيًّا مع الظروف، فهي فرضية تكاد تغلق الجدل عن وجود أفكار غرائزية في الإنسان، وأقترح فرضيةً أليق وألبق وهي «الصفحة البيضاء الناجزة» (pre-disposed tabula rasa) التي تؤكد أن ثمة أخلاقيات مفطورة داخل الإنسان تدفعه لطلب البقاء وتغريه لممارسة الهيمنة، وهذه الصفحة لها دلالة معيارية، فغالبية البشر يتخذون الإجراءات التي تضمن فرص بقائهم كأولوية قصوى. ورغم وجود حالات من الإيثار والعطاء، تظل هذه الأخلاقيات نادرة وشديدة الخصوص؛ لكونها تنشأ فقط ضمن إطار تربوي أخلاقي رفيع. يبرز من هذه الأخلاقيات الدافعة للبقاء والهيمنة. المبدأ الثالث: مبدأ «الأنانية». وهذه الأنانية تحفز السلوك الإنساني عصبيًّا لنيل خمسة امتيازات معينة أختصرها في مصطلح «الباءات الخمس العصبية» (Neuro 5P) وهي: السلطة (power)، والعزة (pride)، والمتعة (pleasure)، والديمومة (permanency)، والفائدة (profit).
«مجلة الفيصل يناير 1, 2019.
«ضوء»
العقل البشري قوة من قوى النفس لا يستهان بها.
(ابن سينا)