العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من قول أو عمل. وقد اقتضت الحكمة الإلهية أن تأتي الأديان التي نزلت بأنواع متعددة من العبادات تتعدى العبادات الشرعية لتشمل أنواعاً من العبادات تُغطي جميع مناحي الحياة. ولأن حياة الإنسان الطيب في مجتمعنا يجب أن تكون كلها عبادة فإني سأركّز هنا على العبادة بمفهومها الأشمل في الدين الإسلامي.
إن الدين الإسلامي دينٌ عظيم وهو شمولي النظرة كلي المعنى وقد أتى بجميع أنواع العبادات بحيث لا يذهب أي جزء من وقت المسلم الصالح إلا وهو في عبادة الله سبحانه وتعالى. فهو قد أتى بالعبادة الشرعية المنبثقة من شريعة ربانية فيها الكثير من التعاليم والأحكام والإرشادات والحكم الإلهية والمقاصد الحكيمة. بالإضافة إلى العبادة الشرعية فهو قد أتى بالعبادات التالية:
العبادة العلمية.- العبادة العملية.- العبادة بالدعاء.- العبادة بالتفكّر والتأمل.- العبادة بالشكر.- العبادة بالتقوى.- العبادة الأخلاقية.- العبادة بالإيمان والاعتقاد. - العبادة بالبناء المادي- العبادة بالبناء المعنوي غير المادي.- العبادة بالبناء المجتمعي ببناء الأسرة وبناء المجتمع.- العبادة بالمحبة لله سبحانه وتعالى.
لذلك الإنسان المسلم الخيّر الطيّب حياته كلها عبادة، فهو أينما اتجه في هذه الحياة فهو في عبادة الله سبحانه وتعالى، وقد ورد ذكر هذه العبادات في القرآن الكريم بشكل مباشر أو غير مباشر وكذلك في الحديث النبوي الشريف. والمهم في النهاية هو رصيد الإنسان من هذه العبادات والاستكثار من الخير.
وقد أتى في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان ليكون خليفةً له في الأرض، وهذه الخلافة تقتضي عمارة الأرض وعمارة الأرض تكون بالعبادات المذكورة ولا يمكن للإنسان عمارة الأرض إلا بالعلم والحكمة وكلٌ حسب طاقته، فالله تعالى لا يُكلّف نفساً إلا وسعها، والطريق إلى العلم والحكمة هو هدف التربية والتعليم في بداية حياة الإنسان حتى إذا كبر يكون قادراً على العمل والإنتاج.
وختاماً يجب علينا نحن المسلمين السعي إلى صلاح أنفسنا فديننا دينٌ عظيم أتى به أعظم وأفضل البشر ليكون منارةً للناس ونوراً في الأرض، ولنا في تاريخ أجدادنا وأسلافنا من العبر ما يكفي لنعلم أننا قادرون على أن نكون جزءاً أساسياً وفاعلاً في منظومة الحضارة العالمية، وذلك لن يكون إلا بالعلم والحكمة والعمل والإخلاص، وكما قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.